عاجل

مصر تعلن عن استثمارات جديدة عملاقة في قناة السويس
مصر.. تحذير رسمي من موجة غلاء جديدة مع بداية 2026
العثور على حطام طائرة خاصة كانت تقل رئيس الأركان الليبي في تركيا
مصر تشارك في إنتاج مقاتلة شبحية تتفوق على F-22 الأمريكية وسو -57 الروسية
وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي
إطلالات النجمات التي خطفت الأنظار على السجادة الحمراء في الـ2025
فوائد مذهلة لاختيار دواء ضغط الدم المناسب منذ البداية
وزيرا الخارجية السعودي والمصري يبحثان مستجدات غزة استعدادا لاجتماع “التنسيق الأعلى”
المعركة على سوريا تتخذ منحى جديدا.. إسرائيل تتخذ “قرارا دراماتيكيا” بشأن الرئيس أحمد الشرع
تحطم طائرة تقل رئيس أركان المجلس الرئاسي الليبي في أنقرة
محافظ الجيزة يتفقد مصابي حادث انهيار عقار إمبابة
محافظة القاهرة تصدر قرار لأصحاب المحال
الآثار: مشروع مركب خوفو الثانية من أضخم مشروعات الترميم في القرن الـ21
بدء إعادة جثامين ضحايا غرق مركب كريت إلى مصر
قطع المياه لمدة 8 ساعات عن بعض مناطق الهرم بالجيزة

حتى أنت يا بروتس

بقلم / أيمن منصور

عندما تكون الخيانة وجهة نظر!!

في مسرحية “يوليوس قيصر” لشكسبير، ووسط طعنات تلقاها “قيصر” من المتآمرين عليه، وقعت عيناه على صديقه “بروتس” فاستغاث به واستنصره وهو موقن بالإجابة، غير أنَّ “بروتس” تحالف مع أعداء قيصر، وسدَّد طعنة كانت هي القاتلة لصديقه.. لحظتها، أيقن قيصر نهايته، واستسلم لمصيره، وقال معاتباً “حتى أنت يا بروتس”؟! فعندما تأتي الضربة من صديق فهي القاضية، وعندما يكون الخذلان من قريب فهو الخسران المبين.. كانت لبروتس “وجهة نظر” في أسباب خيانته لصديقه، وفي تخليه عنه وغدره به، إذ أعلن “أحب روما، وأحب قيصر، غير أن حبّي لروما أكبر”!!

عادةً ما تكون الخيانة وجهة نظر لدى الخائنين .. وعادةً ما يكون السبب المعلن للخيانة أخلاقياً؛ إذ يتم تغليف الأسباب الحقيقية القميئة بشعارات حالمة وبريئة.. الخائنون هم أكثر الناس ترديداً لشعارات العدالة والحرية والمساواة مقارنةً بالمؤمنين بهذه القيم.. الكاذبون هم أكثر الناس حديثاً عن الصدق، والغادرون هم أكثر الناس مطالبة بالوفاء؛ كلٌّ يتحدث عمَّا يفتقده.. في حوار بين “برنارد شو” وكاتب مغمور، قال له الكاتب: “أنا أفضل منك؛ أنت تكتب من أجل المال، وأنا أكتب من أجل الشرف”، فقال له “برنارد شو”: ” كلٌّ منا يبحث عمَّا ينقصه”!!

الخائنون فيما يقومون به مذاهب، تتعدد النيَّات والهيْئات والفعل واحد.. هناك خيانات صريحة مباشرة، وخيانات مضمرة غير مباشرة.. “خنفس باشا” عندما خان “عرابي” وتسبب في هزيمة فادحة له في “التل الكبير” (1882) كانت خيانته من النوع الأول، و”الهلباوي باشا” عندما دافع عن الظالم ضد المظلومين في حادثة دانشوي(1906) كانت خيانته من النوع الثاني.. والواقفون على الحياد في معركة الوطن المصيرية ضد أعدائه في الفترة الحالية خياناتهم تحمل النوعين معاً..

المناضل الأمريكي “مارتن لوثر كينج” يرى أنَّ “أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يبقون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة”.. الحياد في وقت المعارك الوطنية الكبرى هو خيانة عظمى، إذ لا يكون “الالتفاف حول العلم” أثناء الأزمات اختياراً، ولا يصبح الاصطفاف الوطني إزاء التحديات وجهة نظر.. في الحديث الشريف “انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً”.. ونصرته في حالة الظلم تكون بمساعدته على كف أذاه، وليس من خلال المعاونة عليه، أو التحالف ضده.. الخيانة بأشكالها المختلفة فعلٌ غير مبرر في كلّ الأحوال.. وهو ما جعل الشاعر العراقي “بدر شاكر السياب” يستنكره ويتعجب منه:”إنّي لأعجبُ كيف يمكنُ أنْ يخونَ الخائنون .. أيخون إنسانٌ بلاده؟ إنْ خان معنى أنْ يكونَ فكيف يمكنُ أنْ يكون؟”!! ..

الدكتور زكي نجيب محمود له تفسيره لهذا الموقف؛ إذ يرى أنَّ “موقف الحياد هو موقف العاجز الذي يريد لنفسه السلامة والهدوء”، غير أنَّ الحياد في معارك الوطن يورد أصحابه موارد الهلكة.. في التراث نردد الدعاء “اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين” وهو شعار الواقفين على الحياد الذين هم أظلم الظالمين لأهلهم ولأوطانهم.. هم مثل ساكني أعلى السفينة في الحديث الشريف في موقفهم من ساكني أسفلها إذا أرادوا خرقها للحصول على الماء، “فَإِنْ تَرَكُوهُمْ وَمَا أَرادُوا هَلكُوا جَمِيعًا، وإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِم نَجَوْا ونَجَوْا جَمِيعًا”..

“بلادي وإنْ جارتْ عليَّ عزيزةٌ… وقومي وإن ضنّوا عليَّ كرامٌ”، لا يوجد أيُّ مبرر لخيانة الوطن.. ولا يوجد في الخيانة وجهة نظر…..

 

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net