كتب / رضا اللبان
يُحكىٰ أن حاكم إيطاليا دعا فناناً تشكيلياً شهيراً و أمره برسم صورتين
مختلفتين و متناقضتين عند باب أكبر مركز روحي في البلاد
أمره أن يرسم صورة ملاك و يرسم مقابلها صورة الشيطان
لرصد الأختلاف بين الفضيله و الرذيله
و قام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور ..
فعثر على طفل بريء وجميل تطل السكينه من وجهه الأبيض المستدير وتغرق عيناه في بحر من السعاده
ذهب معه إلى أهله و أستاذنهم في أستلهام صوره الملاك من خلال جلوس الطفل أمامه كل يوم حتى ينهي ذلك الرسم مقابل مبلغ مالي
و بعد شهر أصبح الرسم جاهزاً و مبهراً للناس
و كان نسخه من وجه الطفل مع القليل من أبداع الفنان
و لم تُرسم لوحه أروع منها في ذلك الزمان
و بدا الرسام في البحث عن شخص يستوحي منه وجه صوره الشيطان
و كان الرجل جاداً في الموضوع
لذا بحث كثيراً
و طال بحثه لأكثر من عشرين عاماً
و أصبح الحاكم يخشىٰ أن يموت الرسام قبل أن يستكمل التحفه التاريخيه
لذلك أعلن عن جائزه كبرىٰ ستمنح لأكثر الوجوه آثاره للرعب
و قد زار الفنان السجون و العيادات النفسيه و الحانات و أماكن المجرمين
لكنهم جميعاً كانوا بشراً و ليسوا شياطين
و ذات مره
عثر الفنان فجاه على(الشيطان!)
وكان عباره عن رجل سيء يبتلع زجاجه خمر في زاويه ضيقه داخل حانه قذره
أقترب منه الرسام و حدثه حول الموضوع .. ووعد بإعطائه مبلغ هائل من المال ..
فوافق الرجل
وكان قبيح المنظر .. كريه الرائحه ..
أصلع وله شعرات تنبت في وسط رأسه كأنها رؤوس الشياطين !
و كان عديم الروح ولا يأبه بشيء ويتكلم بصوت عالٍ و فمه خالٍ من الأسنان
فرح به الحاكم لأن العثور عليه سيتيح أستكمال تحفته الفنيه الغاليه
جلس الرسام أمام الرجل و بدأ برسم ملامحه مضيفاً اليها ملامح (الشيطان !)
و ذات يوم
التفت الفنان الى الشيطان الجالس أمامه و إذا بدمعه تنزل على خده
فأستغرب الموضوع
و سأله إذا كان يريد أن يدخن أو يحتسي الخمر !
فأجابه بصوت أقرب الى البكاء المختنق
(أنت يا سيدي زرتني منذ أكثر من عشرين عاماً حين كنت طفلاً صغيراً).
و أستلهمت من وجهي صورة الملائكه و أنت اليوم تستلهم مني صورة الشيطان
لقد غيرتني الأيام و الليالي حتى أصبحت نقيض ذاتي !
و أنفجرت الدموع من عينيه و أرتمىٰ على كتف الفنان
و جلسا معاً يبكيان أمام صوره الملاك.
*الحكمــــه*
إن اللّٰه يخلقنا جميعناً ملائكة …
و لكن نحن من نخلق من أنفسنا أحياناً شياطين.