كتب د / حسن اللبان
أثارت التقارير حول موافقة “حماس” على مقترح لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى انقساما في إسرائيل حيث دعا مؤيدو الاتفاق الحكومة إلى التوصل لتسوية، بينما حذر المعارضون من هذه الخطوة.

وقالت الحركة للوسطاء إنها قبلت مقترحا قدم لها قبل يوم واحد، ويتضمن وفق مصادر مطلعة هدنة تستمر 60 يوما وإطلاق سراح 10 أسرى أحياء، في وقت كان الوسطاء يسابقون الزمن للتوصل إلى تفاهم قبل بدء الحملة الإسرائيلية المرتقبة للسيطرة على مدينة غزة.

وقال وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير في بيان موجه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “ليس لديك تفويض للذهاب نحو اتفاق جزئي. دم جنودنا ليس بلا ثمن. يجب أن نكمل الطريق حتى النهاية. دمروا حماس”.
وأكد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أن “حماس” خففت من شروطها فقط لأنها تخشى من الهجوم الإسرائيلي المخطط له على غزة، مشددا على أن الحركة “تحت ضغط كبير بسبب نية إسرائيل السيطرة على المدينة، لأنها تدرك أن هذا سيقضي عليها وينهي قصتها. ولذلك فإنها تحاول عرقلة العملية عبر تقديم اتفاق جزئي. وهذا بالتحديد السبب الذي يمنعنا من الاستسلام ومنحها شريان حياة”.
وأضاف: “يجب المضي حتى النهاية وتحقيق النصر وإعادة جميع الأسرى دفعة واحدة”.
وكتب سموتريتش منشورا على منصة “أكس” أرفقه بصورة لمنشور للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر (Truth Social)، قال فيه إن السبيل الوحيد لإعادة الأسرى هو “مواجهة حماس وتدميرها”.
ومن جانبه، قال عضو الكنيست زفي سوكوت، من حزب الصهيونية الدينية بزعامة سموتريتش، إن “الاتفاق الجزئي سيؤدي إلى التخلي عن نصف الأسرى، وسيعرض جنود الجيش الإسرائيلي لمخاطر هائلة في استمرار القتال، وسيمنح حماس شريان حياة، وسيفقدنا ما تبقى من شرعية دولية”.
وفي المقابل، دعا رئيس حزب “أزرق أبيض-الوحدة الوطنية” المعارض بيني غانتس الحكومة إلى المضي بالاتفاق قائلا: “لدى الحكومة أغلبية واضحة في الشارع، وشبكة أمان واسعة في الكنيست، لإعادة الأسرى. نتنياهو، هذا ليس وقت التردد، بل لحظة اتخاذ القرارات الصحيحة من أجل شعب إسرائيل وأمن إسرائيل”.
وأعربت الأحزاب الحريدية المشاركة في الائتلاف عن دعمها للتوصل إلى اتفاق. وقال عضو الكنيست موشيه غافني من حزب “يهدوت هتوراه”: “موقفنا لم يتغير، نحن ندعم إطلاق سراح الأسرى، فهذا واجب مقدس في فداء الأسرى، لتخفيف معاناة العائلات التي تعيش أسوأ الظروف منذ ما يقارب عامين”.
وأكد منتدى عائلات الأسرى والمفقودين في بيان: “نطالب نتنياهو ببدء مفاوضات متواصلة لإطلاق سراح جميع الأسرى والمخطوفين من غزة… الشعب لن يسمح لرئيس الوزراء بإفشال صفقة أخرى”.
وبعد تداول الأنباء، أكد مسؤول إسرائيلي لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن تل أبيب تسلمت المقترح الأخير من “حماس”، في حين بدا أن نتنياهو يرفض الرد الفلسطيني وألمح إلى أن إسرائيل ماضية في خطتها للسيطرة على أكبر مدن القطاع ونقل سكانها إلى جنوب غزة. وقال: “نرى بوضوح أن حماس تحت ضغط هائل”.
وشدد مسؤول إسرائيلي آخر على أن موقف بلاده لم يتغير قائلا: “موقف إسرائيل ما زال ثابتا بخصوص إطلاق سراح جميع الأسرى والالتزام بالشروط الأخرى لإنهاء الحرب”.
وكشف دبلوماسي عربي تفاصيل المقترح الذي وافقت عليه “حماس”، موضحا أن كبير مفاوضيها خليل الحية قدم لرئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مساء الأحد نسخة محدثة من مبادرة وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، تراجعت فيها الحركة عن معظم مطالبها السابقة التي أدت إلى انهيار المفاوضات الشهر الماضي.

وأشار إلى أن المباحثات جرت في القاهرة بوساطة مصرية إلى جانب قطر والولايات المتحدة، وبمشاركة تركيا التي ساعدت في استئنافها الأسبوع الماضي.
ويتضمن المقترح إطلاق 10 أسرى إسرائيليين أحياء مقابل 150 أسيرا فلسطينيا خلال هدنة تستمر 60 يوما، إضافة إلى تسليم جثامين أسرى قُتلوا، وفق الدبلوماسي العربي.
وكشف مصدر في حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية تفاصيل مشابهة، مضيفا أن المرحلة الثانية ستشهد إطلاق بقية الأسرى، مع بدء مفاوضات فورية حول اتفاق أشمل ينهي “الحرب والعدوان” بضمانات دولية. وأكد أن “جميع الفصائل أيدت ما طرحه الوسطاء المصريون والقطريون”.
ورغم تسلم إسرائيل المقترح مساء الاثنين، فإنها جددت موقفها الرافض للاتفاقات الجزئية، وأكدت أنها لن تنهي الحرب إلا في حال إطلاق جميع الأسرى دفعة واحدة، إلى جانب تلبية شروط أخرى.
ويرى الوسطاء العرب أن الموقف الإسرائيلي لا يترك لهم مجالا كبيرا للمناورة، ولذلك يعملون على الدفع نحو اتفاق جزئي يتم تسويقه كـ”مسار نحو اتفاق شامل”.
وبحسب الدبلوماسي العربي، فإن المقترح الأخير يشبه إلى حد كبير ما قدمه المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف في وقت سابق هذا العام، إذ ينص على بدء مفاوضات حول وقف دائم لإطلاق النار مع بداية الهدنة المؤقتة، على أن يتم التوصل إلى تفاهمات نهائية مع نهاية الشهرين.