كتبت / سلوى لطفي
عبد الحليم في عام 1975 قام بغناء رائعته “نبتدي منين الحكاية” ، وهي من كلمات محمد حمزة، ومن الحان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وفور الانتهاء من عرضها على الجمهور، بدأ حليم وعبد الوهاب بالتفكير في العمل القادم!
حليم في الوقت ده كان تعبان جدًا، لكنه قرر مع عبد الوهاب أن اللي يكتب أغنيتهما المشتركة القادمة هو الكبير مرسي جميل عزيز (شاعر الألف أغنية)، وكلفاه بتجهيزها، وحليم ساب بعدها الأغنية مع عبد الوهاب علشان يلحنها براحته، لأنه كان مشغول مع محمد الموجي في الفترة دي ببروفات رائعته “قارئة الفنجان”، واللي قدمها على المسرح عام 1976، وكانت آخر أغنية لايف للعندليب قبل وفاته بعام!
عبد الوهاب قعد يلحن في الأغنية أكتر من سنة، لكنه عمل حاجة تحفة بصراحة، وبدأ بالفعل مع حليم البروفات عقب إنتهاء حليم من “قارئة الفنجان”، وكانت الأغنية الجديدة دي اسمها “من غير ليه”!
حليم كمان أخذ يعدل في بعض كلمات الأغنية، يعني على سبيل المثال:
الكوبليه اللي بيقول “زى ما رمشك خد لياليَ وحكم وأمر فيها وفيَ .. ولقيت بيتي بعد الغربة قلبك ده وعيونك دي َ.. بقت الدنيا غرام وأنا جنبك .. بحلم واصحى واعيش على حبك”
طلب حليم من مرسي جميل عزيز تغيير “بقت الدنيا غرام وأنا جنبك” إلى “ولقيت روحي في أحضان قلبك بحلم واصحى واعيش على حبك”
كمان قام بتغيير “بحر عنيك يا حبيبى غريق .. لكن فيه أحلى مواني زماني” إلى “بحر عنيك يا حبيبى غريق .. لكن فيه أحلى ليالي زماني”
وبدأوا فعلاً يسجلوا بروفات، وأوقات طويلة كمان، لكن القدر كانت له كلمة أخرى وتوفى حليم في عام 1977، ليقف المشروع بالكامل!
ظلت الأغنية حبيسة الأدراج حتى عام 1989، أي بعد 12 عام من وفاة حليم، حتى تحدث مجدي العمروسي مع عبد الوهاب في مسألة أنه يُخرج البروفات والتسجيلات اللي عنده، ويُعيد تسجيل الأغنية والاستفادة منها.
عايز أقولكم أن عبد الوهاب كانت فيه عادة (حلوة اوي) من وجهة نظري ، ألا وهي أنه كان يقوم بتسجيل الأغاني التي يلحنها بصوته على العود في البروفة، وبيكون تسجيل رايق هادىء جميل .. وتحفة فنية كمان، وعمل كده كتير اوي مع معظم المطربين كمان، يعني على سبيل المثال عملها مع أغاني مثل (أيظن، لا تكذبي، ست الحبايب …….. وغيرهم كتير).
المهم .. عبد الوهاب كان مسجل أغنية “من غير ليه” بصوته منذ البروفات، يعني منذ عام 1977، وهنا كانت الفكرة الألمعية لمجدي العمروسي أنه استعان بمهندس صوت مميز، قدر أنه يركب صوت عبد الوهاب منذ عام 1977 وهو على العود في البروفة، على التسجيل الموسيقي الحديث للفرقة الماسية عام 1989 !! المهندس ده كان اسمه زكريا عامر.
وتوجه عبد الوهاب مع زكريا عامر إلى باريس للعمل على الأغنية، وطالت فترة العمل، لتخرج الأغنية في الشكل الذي أراده موسيقار الأجيال!
طبعًا الكلام ده كان وقت قلة التكنولوجيا والإمكانيات، والأمر صعب جدًا، لكنه كان يستحق كل هذا العناء!
وبالفعل تم تسجيل العمل وتركيب الصوت القديم على الموسيقى الحديثة، وخرج العمل إلى النور في صورة عمل حديث للجمهور بصوت عبد الوهاب، ليعود به إلى ساحة الطرب بعد غياب سنين كتير، مش بس كده، لأ ده الأغنية تنجح بشكل ساحق وتكسر الدنيا وقتها، بل وتتصدر المبيعات في زمن ظهرت فيه الأغنية الشبابية (التمانينيات)، ويظل صداها معنا حتى يومنا هذا.
عبد الوهاب برضه والمجموعة اللي معاه كانوا أذكياء في نقطة أنهم عملوا بروباجندا حلوة، وعملوا حلقات برنامج وجابوا فيها أشهر مذيعي مصر وقتها زي مفيد فوزي وغيره وهم بيعملوا بروفات، وكأنهم بيسجلوا من أول وجديد يعني .. والموضوع كان محسوم في الاستوديوهات منذ زمن، والفرقة الماسية بس عملت التسجيل الموسيقي الجديد للعمل
