بقلم / رضا اللبان
“موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد” القائد العابد، ولد زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 19 هـ في قرية كفر مثري بالجليل في فلسطين الشام.
كان والده على حرس “معاوية بن أبي سفيان”، رضي الله عنهما عندما كان واليًا على الشام، وقد روى التاريخ شجاعة أم “موسى” رحمها الله، فلقد شهدت هي أيضاً جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون، أبصرت الأم العظيمة، رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين، فأخذت عمود الفسطاط ثم دنت منه فشدخت به رأسه.
تربى “موسى بن النصير” رحمه الله في كنف القادة قريباً من بيت الخلافة مع أولاد “معاوية” رضي الله عنه، وأولاد الأمراء والخلفاء، فنشأ على حب الجهاد في سبيل الله ونشر الدين.
أصبح رحمه الله شاباً يافعاً تقّلد الرتب والمناصب وغزا قبرص في عهد “معاوية” رضي الله عنه، وأنجز ما عجز عنه من قبله، إذ نظّم القوات الإسلامية في المغرب، وحين اشتد القحط أمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، ثم صلّى وخطب ودعا فسُقوا حتى رووا.
عندما دخل الإسلام إلى بلاد الشمال الأفريقي قبل فتح الأندلس بسبعين سنة أي سنة 22 هـ وكانت تسكن هذا الإقليم قبائل قوية، وقد ارتدت عن الإسلام أكثر من قبيلة، إلى أن انتهت الأمور باستقرار الإسلام في هذا الإقليم عام 85 هـ.
وقد كان “موسى بن نصير” رحمه الله القائد البارع التقي الورع هو الذي ثبَت الله به الإسلام في هذه المنطقة المترامية الأطراف.
فقد نجح في فهم أسباب الردة إذ رأى أن من سبقه كانوا يفتحون البلاد فتحاً سريعاً ثم يتوغلون داخلها دون أن يوفروا الحماية لظهورهم.
وهذا ما حصل ل”عقبة بن نافع” رحمه الله، فبدأ “موسى” يتقدم خطوة خطوة ثم يؤّمن ظهره، حتى أتم الله عليه الفتح، كما وجد أن الناس لم يتعلموا الإسلام جيداً فجلب العلماء من الشام والحجاز ليعلموهم الإسلام.
فأقبلوا عليه وأحبوه وصاروا جنداً للإسلام بعد أن كانوا أعداءً له، وانتشر الإسلام في الشمال الأفريقي.
ولذلك كان “موسى بن النصير” رحمه الله القائد الذي تولى أمر بلاد المغرب، وأخمد الفتن، وقضى على الثورات، وقوّى الجيش، فأكرمه الله بالنصر والفتح.
أرسل “موسى” رحمه الله مولاه “طارق بن زياد” رحمه الله لغزو إسبانيا، ثم لحق به متوغلاً في تلك البلاد، ليعود ومعه مولاه “طارق” إلى الشام بمكاسب ومغانم عظيمة، مرسياً لأول مرة قدم الإسلام في تلك البلاد الغربية النائية.
لقد كان بحق من أعظم رجال الحرب والإدارة في القرن الأول الهجري، وبدت حكمته في إخماد الفتن، ومعرفة نفسية الشعوب.
و قد كان رحمه الله رجلا عاقلاً كريمًا شجاعًا ورعًا تقيًّا لله تعالى، لم يُهزم له جيشٌ قطُّ، وإلى جانب مواهبه العسكرية والإدارية، كان موسى بليغًا في النثر والنظم.
خرج مع الخليفة “سليمان بن عبد الملك” رحمهما الله للحج عام 97 هـ، ومات في الطريق في وادي القري أو ب “مر الظهران”، وصلى عليه “مسلمة بن عبد الملك” رحمهم الله جميعا.