كتب / رضا اللبان
هذه حكاية تدل على شدة الذكاء وعلى أن الثقافة كانت فاشية
في المجتمع البغدادي في العهد العباسي:
إذ يـُروى أنّ رجلا ًً من طلاب العلم الأذكياء كان قاعدا ً على جسر
بغداد يتنزه ، فأقبلت امرأة ٌ بارعة الجمال من جهة الرصافة ( شرق
بغداد ) متجهة ً إلى الجانب الغربي ، فاستقبلها شابٌ متجه ٌ نحو
الشرق ، فلما صار بجانبها قال : رحم الله بن الجهــــــــــم ،
فقالت المراة ُ : رحم الله أبا العلاء ،
وما وقفا ، بل سار كل منهما في وجهته .
فعجب الرجل مما سمعه من الفتى ومن الفتاة وتوجه الى الفتى
واقسم له ان لم يوضح له الامر ليشكونه الى رجال الدرك
،
فضحـك الفتى وقـال اقصد بقـولى رحـم الله بن الجهم قولـه فى
قصيدة له :
عيون المها بين الرصافة والجسر*جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
فردت هى مترحمتا على أبا العلاء المعرى ففهمت انها فهمت قصدى
وانها تقصد بيت شعرا لـ أبا العلاء يقــول فيه:
فيا دارها بالخيف ِ إنَّ مزارهــــــا
قريب ٌ ولكنْ دون ذلك أهــــــــوالُ .
فانصـرف الرجل وهو لايدرى ايتعجب من ذكاء الفتى ؛ ام من لامحيةالفتاة وحسن حفظها ؛ام من غفلته وجهله وعدم حفظه