استهلت الحكومة المصرية عام 2024 بإعلان زيادة أسعار عدد من الخدمات والمرافق، أبرزها الكهرباء وتذاكر مترو الأنفاق والسكك الحديدية، ورسوم تسجيل السيارات ونقل الملكية بالشهر العقاري. وتبعها إعلان شركات الاتصالات والحديد زيادة أسعارها، تراوحت بين 10-26%. وأرجع خبراء ذلك إلى محاولة الحكومة السيطرة على عجز الموازنة، الذي اتسع بضغوط ارتفاع تكلفة الاقتراض، إضافة إلى استمرار أزمة نقص النقد الأجنبي في البلاد.

زادت أسعار الكهرباء لشرائح الاستهلاك المنزلي والتجاري بنسب تتراوح بين 16-26%، ليصل سعر أقل شريحة من (0-50 كيلو وات ساعة شهريًا) 58 قرشًا (0.019 دولار) لكل كيلو وات، وأعلى شريحة 1.65 جنيهًا (0.053 دولار) للمنازل التي تستهلك أكثر من 1000 كيلو وات ساعة.

وقال الخبير الاقتصادي مدحت نافع إن زيادة أسعار الكهرباء جاء نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج الفعلي، مما يتسبب في زيادة فاتورة دعم الكهرباء بالموازنة العامة للدولة، مُرجعًا أسباب الارتفاع إلى أزمة نقص النقد الأجنبي، وعدم وجود تخطيط مسبق لاحتياجات مصر من الطاقة بعد التوسعات في إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، وتفضيل الدولة تصدير الغاز للخارج لزيادة حصيلتها من النقد الأجنبي بدلًا من توريده لمحطات إنتاج الكهرباء، بحسب نافع.

وتسهم زيادة أسعار شرائح الكهرباء في خفض تكلفة فاتورة دعمها بالموازنة العامة لمصر من 90 مليار جنيه (2.9 مليار دولار) إلى 75 مليار جنيه (2.4 مليار دولار)، وفقًا لتصريحات صحفية لرئيس مجلس الوزراء، الذي أوضح أن التكلفة الفعلية لإنتاج كيلو وات الكهرباء يصل إلى 177 قرشًا (0.0057 دولار) في حين تباع لأقل 3 شرائح – التي تمثل نسبة 65% من الاستهلاك – بسعر يتراوح بين 58-85 قرشًا (0.019-0.028 دولار)، على حد قوله مصطفى مدبولي.

أضاف نافع، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن نقص الغاز الطبيعي المورد لمحطات إنتاج الكهرباء تسبب في خفض كميات إنتاج الطاقة مما دفع الدولة لتبني خطة لتخفيف الأحمال منذ عدة شهور، دون وجود رؤية أو توقعات لموعد وقف هذه الخطة، مما يشير إلى عدم وجود تخطيط مسبق من الحكومة لاحتياجات السوق المحلي من الطاقة الكهربائية.

في منتصف يوليو/ تموز الماضي، طبقت الحكومة المصرية خطة لتخفيف أحمال الكهرباء عن طريق قطع التيار لمدة ساعة عن معظم أنحاء الجمهورية، قبل أن ترفع عدد ساعات انقطاع التيار إلى ساعتين يوميًا نتيجة لزيادة الاستهلاك.

وأشار مدحت نافع إلى أن زيادات أسعار المرافق والخدمات خلال الأيام القليلة الماضية سينعكس على قراءة التضخم خلال الشهر الحالي، خاصة أنها ستنعكس على زيادة أسعار باقي المنتجات المرتبطة بعملية النقل والتخزين، مُعتبرًا أن الزيادة لن تؤثر في السيطرة على عجز الموازنة؛ الذي اتسع خلال الشهور الأولى من العام المالي الحالي نتيجة فاتورة الدين، مما يتطلب ضرورة جذب الاستثمارات الخاصة لزيادة إيرادات الدولة، والسيطرة على العجز، بحسب نافع.

سجّل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء معدلًا شهريًا بلغ 1.3% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 مقابل نسبة 2.3% خلال نفس الشهر من العام الماضي، كما سجّل المعدل السنوي للتضخم العام 34.6% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 مقابل 35.8% في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفقًا لبيانات البنك المركزي المصري.

في سياق متصل، قال مدير غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات المصرية محمد حنفي، إن عددًا من شركات الحديد زادت أسعار منتجاتها خلال الساعات القليلة الماضية، أبرزها شركة حديد عز، ليرتفع الطن من 38.5 ألف جنيه (1245.9 دولار) إلى 42 ألف جنيه (1359.21 دولار) بزيادة تصل إلى 3.5 ألف جنيه (113.27 دولار)، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج متمثلة في الخامات المستوردة من الخارج، وأجور العاملين، وكذلك زيادة أسعار شرائح الكهرباء المخصصة للاستهلاك الصناعي.

تراجع استهلاك مصر من حديد التسليح إلى 4.6 مليون طن خلال التسعة شهور الأولى من عام 2023 بنسبة انخفاض 30% عن نفس الفترة من العام الماضي، وفقًا لبيانات شركة حديد عز للبورصة المصرية.

وأضاف حنفي، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الزيادة الأخيرة في سعر طن حديد التسليح إلى مستوى 42 ألف جنيه (1359.21 دولار) لتسجل أعلى مستوى سعري في تاريخ لتسليم أرض المصنع، على أن يباع بسعر إضافي يصل إلى 1000-1500 جنيه (32.36-48.50 دولار) للمستهلك، لافتا أن زيادة أسعار منتجات الحديد أدى لانخفاض المبيعات لأقل مستوياتها على الإطلاق خلال الفترة الحالية.