بقلم دكتورة / أميرة النبراوي
أوتار الروح
كانت تتأمل المدى بعينيها، كأنها تبحث عن شيءٍ ضاع منها منذ زمن. لم يكن القدر قد خطّط للقاءٍ يجمعهما، بل كانت الأرواح قد رتبت موعدًا سرّيًا، حيث لا زمن يُذكر، ولا مكان يُقاس.
وحين التقت عيناه بعينيها، سكت كل شيء… توقفت الكلمات، وغابت الضوضاء. لم يكن لقاءً عابرًا، بل كان موسيقى خفية تعزفها القلوب قبل أن تفهمها العقول.
هو لم يقل: اشتقتُ، وهي لم تقل: انتظرتك. لكن العيون غنّت بدلًا عنهما، وارتجف الصمت بينهما كقصيدة وُلدت للتو.
في تلك اللحظة، لم يكونا رجلًا وامرأة فحسب، بل كانا نغمتين متكاملتين، إذا اجتمعتا صارتا لحنًا أبديًا.
ولذلك، لم يكن ما حدث لقاءً… بل كان أوتار الروح تُعزف بانسجام، لا يجرؤ النسيان أن يقترب منها.
وتركها القدر على وعدٍ مؤجل، كحلمٍ لا ينطفئ…
فربما يأتي يوم يكتمل فيه اللحن، وتزهر الأرواح من جديد. وتعزف على أوتارها أروع وأعذب لحن للخلود .