كتب / رضا اللبان
في إحدى الممالك البعيدة، كان هناك أمير صغير يُدعى كوسا، عُرف الأمير برجاحة عقله وإحسانه وحبّه للخير، وكان أيضًا بارعًا في فنون الحرب والعزف، فذاع صيته بين الناس، وأحبه الجميع الصغير قبل الكبير. كان يعتقد الناس بأن الأمير أسعد الناس لما يمتلكه من صفات فريدة، ولكن على العكس من ذلك، فقد كان دائم الشكوى ويعاني من الهم والحزن ، لا يهنأ بطعام أو شراب أو نوم؛ وكان سبب حزنه هو شكله القبيح، الذي لم يوجد أقبح منه في المملكة، لكن الناس نسيت قباحة خُلُقه، ولم يذكروا إلا جمال أفعاله وأخلاقه. وعندما كبر كوسا، أراد والده تزويجه، لكن الولد رفض ذلك بشدّة، وقال لأبيه بأن لا أحد سيقبل به بسبب شكله، وبعد إلحاح الوالد على الابن بالزواج، دبّر الابن حيلة تُخلّصه من إلحاح والده عليه، فصنع تمثالاً ذهبيًا باهر الجمال، وقال لأبيه إذا وجدتم امرأة كهذا التمثال سأتزوجها في الحال، فأرسل الملك الرُّسل والرجال للبحث عن الفتاة الفاتنة التي تشبه التمثال. فمضت الأيام والأشهر والسنين، ولا زال الملك يبحث لابنه عن فتاة تشبه التمثال الذهبي، وفي يوم علمت رُسل الملك بأنه يوجد ملكًا لديه ابنة شبيهة بالتمثال الذهبي، فذهبوا للملك وأخبروه بنيّة ملكهم بتزويج ابنه الأمير كوسا من ابنتهم، ففرح الملك بالخبر، وأرسل موافقته بتزويج ابنته للأمير. حزن الأمير كوسا على موافقة الأميرة على الزواج به، وقال لأبيه بأنها عندما تراه ستنفر من رؤيته، لكن طمأن الملك ابنه، بأن هناك عادة قديمة لديهم بأن لا تشاهد العروس وجه عريسها إلا بعد سنة كاملة من الزواج، ولكنها ستراه في غرفة مظلمة فقط، وأخبر ابنه بأنه بعد هذه السنة ستكون الأميرة قد تعلّقت بك وأحبتك ولن يُهمها شكلك ومظهرك. ثم تزوّج الأمير كوسا من الأميرة، وكان لا يشاهدها إلا في غرفة مظلمة، فمرّت الأيام وتعلّقت الأميرة بالأمير كوسا وأحبته، وبعد أشهر قليلة، أفصحت له عن رغبتها برؤيته، وكانت تظن أنها لن ترى أجمل منه، ولكن الأمير رفض ذلك وطلب منها الانتظار لسنة كاملة. فلم تستطيع الأميرة الانتظار طويلاً، فتحيّنت فرصة خروج الأمير بموكبه إلى خارج القصر، وشاهدته، ولكنها عندما رأته صُدمت، وتفاجأت، وعزمت على العودة إلى موطنها بسبب شكل الأمير القبيح، وفعلاً عادت الأميرة إلى موطنها. حزن الأمير حزنًا شديدًا لفراق زوجته، وقرر أن يتخفّى ويذهب إلى حيث مكان إقامة الأميرة، وعندما وصل إلى قصرها بدأ بعزف الألحان الجميلة بالقرب من القصر، فلم يعرفه أحد سوى الأميرة، فاعتقدت بأنه آتٍ إليها؛ ليجبرها على العودة معه، ولكنه في الحقيقة أراد أن تعود معه بمحض إرادتها. وهناك بدأ الأمير يتعلم صناعة الخزف، وبعث بثمانية أقداح كهدية لبنات الملك، ففرحن جميعهن بالهدية ما عدا زوجة الأمير كوسا التي عرفت بأن الأقداح من عمل زوجها، فطلبت من الخدم إرجاع القدح إلى صاحبه، فحزن الأمير لذلك، وعرف أنها لا زالت تُبغضه. ولكن الأمير لم ييأس وفكر في خطة أخرى، وهي أن يعمل خادمًا في قصر الملك، فعمل طاهيًا هناك، وكان يُعدّ أشهى الطعام، فأمر الملك كبير الطهاة بإعطاء الشاب مكافأة مجزية، وأمره أن يكون طباخًا له ولبناته. وفي يوم دخلت الأميرة المطبخ، وشاهدت زوجها يطبخ فعرفته، وأمرته أن لا يقوم بطهي أي شيء لها بعد اليوم، هنا شعر الأمير باليأس الشديد، وتأكّد بأن الأميرة لا يهمها إلا المظاهر، فقرر العودة إلى وطنه غير آسفًا عليها. وفجأة وهو يهمّ بالمغادرة، سمع أن هناك سبعة ملوك سيشنون حربًا على الملك صهره؛ لأن كل واحدٍ منهم يريد الزواج بالأميرة الجميلة زوجة كوسا، فقال الملك في نفسه لو أن ابنته بقيت مع زوجها كوسا لما حصلت كل هذه المصائب. استدعى الملك مستشاريه، وأمرهم أن يجدوا حلاً لذلك، فقالوا له: بأن الأميرة قد هربت من زوجها، وهي تعرّض حياة أفراد المملكة للخطر، والحل هو تقطيعها إلى سبع قطع، وإعطاء كل ملك من الملوك السبعة قطعة واحدة منها، وبذلك تسلم الدولة من الحرب. وعندما سمع كوسا بذلك، ذهب إلى الملك وعرّفه بنفسه وحكى له قصته، وطلب منه أن يواجه هو مع جيشه الملوك السبعة، وافق الملك على ذلك، فقام كوسا بمواجهة الملوك وأسَرَهم جميعًا، وطلب من الملك أن يزوّج بناته السبعة لهؤلاء الملوك السبعة، رحّب الملك بذلك وتزوجت الأميرات الملوك السبعة. وأما الأميرة القاسية، فقد بقيت وحيدة، وجلست تتحسّر وتندب حظها العاثر، وشعرت بالندم الشديد على ما فعلته بالأمير كوسا، وتمنت لو أنه يغفر لها فعلتها. ولكنها ما لبثت أن شعرت بالفرح يغمرها عندما استدعاها الأمير كوسا، فأعربت له عن ندمها الشديد لما فعلته في حقه، وأنها تتمنى لو أنه يسامحها، فسألها الأمير إن كانت توافق على العودة معه، فوافقت على العودة معه، وهي تراه في أجمل منظر، فتبدل إحتقارها إجلالاً، وكبرياؤها تواضعًا، وأصبحت تراه في أجمل منظر وأحسن مظهر.
قصص اطفال قبل النوم ( منقول )