عاجل

# قصة طريفة جدا ….
الشرطة الأمريكية تعتقل المرشحة الرئاسية جيل ستاين في احتجاجات جامعة واشنطن
السياسيون الفرنسيون ينتقدون تصريحات ماكرون حول استخدام الأسلحة النووية للدفاع عن الاتحاد الأوروبي
كاف يرد على أزمة الـ VAR في هدف مازيمبي أمام الأهلي
حجازى يفتتح مدرسة السويدي الكتريك بمدينة السادات
تجديد حبس المتهمين باختطاف وقتل طفل شبرا الخيمة
الجمارك: 537 ألفًا من المقيمين بالخارج سجلوا في تطبيق استيراد السيارات
حملات تفتيشية على الأسواق لإحكام الرقابة علي المنتجات
الضرائب تكشف أسباب توحيد إجراءات رد ضريبة القيمة المضافة
مبادرة لخفض أسعار المكرونة بنسبة 30% في الأسواق
الزمالك يكتسح دريمز الغاني بفوزه عليه (3-0) ويبلغ نهائي الكونفيدرالية
موسكو: جارٍ تجهيز المنطقة الصناعية الروسية في قناة السويس
“الرجل الآلي” يعود.. ترتيب أفضل هدافي الدوري الإنجليزي
# يا ليت من أهواه عنى يعلم … شعر
# مأساة الإنسان المتطرف …

الإسلام السياسي بين الخلافة و الإمامة

بقلم : صلاح سالم

 

يتوزع الإسلام السياسي على تقليدين رئيسيين يختلفان كثيرا فى الحجم الديموجرافى و الامتداد التاريخي : الأول سنى هو الأكثر عددا و الأوسع انتشارا فى أربعة أنحاء العالم الإسلامي الممتد حول القلب العربي و يرتبط بنظرية الخلافة ، و الثاني شيعي هو الأقل عددا و انتشارا و يرتبط بنظرية الإمامة التي انبثقت عن المذهب «الاثنا عشري».

 

كانت نظرية الخلافة حاضرة بالفعل طوال التاريخ تفاعلت معه و تطورت فيه ، و تأثرت بخشونته مثل سيارة تتحرك على أرض مليئة بالكثبان الرملية ، أما نظرية الإمامة فظلت أقرب إلى يوتوبيا سياسية ذات طابع خلاصي ، و تقوم على عقيدة المهدى المنتظر ، كانت حركتها فى التاريخ أقرب إلى طائرة فى الفضاء ، تطل عليه من فوق و من بعيد من دون اصطدام مباشر معه.

 

نعم عانى الأئمة خصوصا الحسين خشونة سياسية نالت من دمائهم ، و لكن كأفراد معارضين لسلطة قائمة ، أما النظرية نفسها فلم تتجسد واقعيا وإن تم توظيفها لخدمة تطبيقات محدودة فى أزمنة متأخرة نسبيا ، و يأتي على رأسها الدولة الفاطمية فى مصر و شمال إفريقيا فى قلب العصر الوسيط ، و الدولة الصفوية فى قلب الجغرافيا الإيرانية مطلع العصر الحديث.

 

اليوم نجد أنفسنا أمام مفارقة ، حيث حضر الغائب و غاب الحاضر ، لقد عادت الإمامة الشيعية إلى التاريخ عبر صيرورة تطور تدريجي من ميثولوجيا دينية يؤطرها مفهوما : الغيبة و الانتظار إلى مفهوم سياسي حكم إيران فى القرن العشرين ، حيث مارس كبار الأئمة من آيات الله نشاطا سياسيا فى مواجهة طغيان الأسرة القاجارية ، تبدى واضحا فى أجواء الثورة الدستورية 1906 ـ 1911م ، قبل أن تزداد معارضتهم للأسرة البهلوية و يتمكن الولي الفقيه / الخميني من إسقاط حكم الشاه محمد رضا فى فبراير 1979م و صياغة نظام حكم ثيوقراطي يجمع بين الحقيقتين : الباطنية التي يتلقاها عن الإمام الغائب ، و السياسية التي حازها بقوة الثورة الإسلامية.

 

و هكذا يستدعى الولي الفقيه من الذاكرة التاريخية ، صورة البابا الكاثوليكي المعصوم ، ذروة الهيمنة الكهنوتية على السلطة الزمنية فى العالم المسيحي ، لم تكن الثورة الإيرانية إسلامية خالصة بل كانت شعبية ذات دوافع اجتماعية و اقتصادية و سياسية ، كالثورة الروسية التي لم تكن بلشفية بل شعبية.

 

و كما نجح الحزب البلشفي فى الاستئثار بالسلطة و تصفية الخصوم ، و انتهت الثورة الإيرانية بنجاح التيار الديني فى إقصاء منافسه المدني ، قبل أن يتمكن الحزب الجمهوري الإسلامي بالذات من تصفية باقي القوى الإسلامية التي تحفَّظت على استئثار الولي الفقيه بالسلطة.

 

و فى المقابل بدأت نظرية الخلافة رحلة غيابها بانهيار السلطنة العثمانية 1924م ، فلا تكاد توجد اليوم دولة تحكم رسميا باسم نظرية الخلافة ، و إن وجدت أحزاب و تيارات سياسية تتبنى أيديولوجيتها ، سواء من موقع المشاركة فى الحكم و لو نادرا ، أو المعارضة الشرعية أحيانا ، أو الانقلابية ضد الأنظمة السياسية القائمة فى أغلب الأحيان ، و على رأسها جماعة الإخوان المسلمين.

 

و هنا يكمن فارق أساسي بين السنية السياسية و نظيرتها الشيعية ، إذ لا تواجه الأخيرة حركات انقلابية تذكر بعد أن بسطت قبضتها على الدولة الإيرانية ، نسجا على منوال الحركة الصهيونية التي أنشأت إسرائيل كدولة دينية ، ففي الحالتين تمت استعادة الدولة من رحم التاريخ باسم فكرة ميثولوجيه ، و إن كانت شيعية مهدوية هنا و يهودية مشيحانية هناك.

 

و رغم تلك الاختلافات بين النظريتين فإن أمرا أساسيا يجمع بينهما و هو سقوط الإنسان كفرد من قائمة انشغالاتهما ، نعم يبقى الإنسان حاضرا كمسلم يتلقى التكاليف ، كإحدى الرعايا الذين تمُارس عليهم السلطة ، و لكنه غير موجود كفرد حر ، شيعيا لأن شرعية الاختيار البشرى مرفوضة من حيث المبدأ ، فالإمام الذى يتلقى الحقيقة من أفق الغيب لا يمكن لبشر أن يحاسبه.

 

و رغم اعتراف الخميني بأن الفقيه لن يكون على مستوى الرسول و الأئمة ، فإن معرفته بالقانون الإلهي تعنى أن باستطاعته أن يمتلك نفس سلطتهم ، و أن يرأس مجلسا يشرف على تطبيق الشريعة بدلاً من وجود مجلس نيابي يأتي بتشريعات وضعية.

 

و هكذا أصبحت مسئوليته أمام الله وحده ، فلا يحلف اليمين أمام أي سلطة ، و لا يشرح موقفه لأى شخص ، و لا يخضع لمراقبة أي مؤسسة فى الدولة بل هو المسئول عن مراقبة مؤسسات الدولة ، أما سنيا فلأن الاختيار البشرى منوط بعدد محدود من أهل الحل و العقد ، حيث لا معنى للقول بأن الأمة هي مصدر السلطة تمارسها من خلال وكلائها لأن أهل الحل والعقد ليسوا منتخبين كي تكون لهم تلك الصفة التمثيلية.

 

و فضلا عن ذلك ثمة حقيقتان : الأولى هي أن أهل الحل و العقد كانوا دوما من جسم اجتماعى لصيق بالسلطة القائمة ، و مكانتهم الاعتبارية تنبع من هذه الصلة ؛ فلا أحد غير الخليفة يستطيع أن يسميهم و يمنحهم حق النطق باسم الجماعة ، رضيت بهم الجماعة أم لم ترضي ، أما الثانية فهي أن دورهم كهيئة مختارة لها قدر من الاستقلال على الطريقة التي صاغها عمر بن الخطاب لاختيار خليفته ، و لم تتكرر كثيرا ، حيث حل محلها دائرة وظيفية من فقهاء الدولة الرسميين الذين كثيرا ما كانوا فى الأغلب علماء سلطان.

 

و على هذا تقصر النظريتان عن تجسيد أي ضوابط لمفهوم الشرعية السياسية ، ناهيك عن مفهوم الحرية الإنسانية ، الذى ظل مقصوراً على الوعى الإسلامي إما على المعنى الأنطولوجي الكامن فى التداول القرآني الذى يرسم حدود حرية الإنسان فى مواجهة عقيدة القضاء و القدر، حسبما فهمتها و تجادلت حولها الفرق الكلامية.

 

و إما على المعنى الاجتماعي الذى انعكس فى الاستعمال الفقهي كمجرد نقيض لحالة العبودية ، فالإنسان الحر هو فقط غير المملوك لغيره ، أما المعاني الحديثة للحرية التي تمنح الإنسان كذات فردية لها حق امتلاك مصيرها و السيطرة على وجودها ، و التمتع بمجموعة من الحقوق الأساسية كحرية الاعتقاد و التفكير و التعبير و الاختلاف و التنظيم فظلت غائبة عن تاريخنا.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية