كتب / رضا اللبان
عاش في بيت صغير في حي المنيرة في نهاية حياته ولم يكن يستطيع اولاده توفير الطعام للاسرة الا بعد عناء فكان الجميع يتخوف ان يعمل احد افراد عائلة عرابي معه تجنبا لسخط السلطات ، بل الادهي من ذلك صدق او لا تصدق ان الزعيم احمد عرابي لم يكن يجد مالا لشراء الدواء في مرضه بعد ان اصبح مسنا لا يقوي علي العمل ! اهذا الذي انتظره ! ولعل الذي عمق جراح عرابي ان لا احد يعرفه في الحي الذي يعيش فيه فيأتي الرجل الذي يأخذ منه عرابي الماء والطعام وينهر عائلته بالالفاظ السيئة لعدم قدرتهم علي سداد ثمن الطعام والماء ! حتي جاءت ليلة 28 رمضان 1911 قبل العيد بيوم والمصريون يحملون صواني الكعك الي الافران جاء رجلا يبيع اللبن الي بيت عرابي ولم يكن في البيت احدا سواه فاخذ عصاه وبات يترنح حتي وصل الي الباب ففتحه واخذ اللبن من البائع لكن يده المرتعشه لم تقوي علي حمله فوقع منه علي ثيابه وعلي لحيته فترورقت عين احمد عرابي بالدموع لعلها دموع القهر والحسرة التي عاشها بين ابناء وطنه وفي نفس الليلة مات عرابي كمدا ومرضا والغريب في الامر ان عائله عرابي لم تكن تملك المال لتكفينه ودفنه فلم يجد ابنائه الي بيع بعض مقتنيات البيت من الاثاث ليوفروا المال لذلك وكانت جنازة عرابي صغيرة بها اعداد قليلة من اسرته وبعض الجيران حتي يسال البعض
” جنازة مين دي ” فيرد اخر ” بيقولوا واحد اسمه احمد عرابي مات ” ولم يكن يدرون انه الزعيم الوطني احمد عرابي فلم تكن صورته مالوفه لعدم وجود تلفاز ولغيابه عن السياسه لاكثر من ثلاثين عاما ، وحينما اعلن الخبر في البلاد كانت ردود البعض ” هو لسه عايش دا انا كنت مفكره مات كان عايش يعمل ايه ” وبعض الصحف اعلنت ” وفاة الضابط الخائن عرابي ”
عذرا عرابي لم يكن ذلك الوطن المناسب لك لقد دافعت عن من لا شرف له وافنيت عمرا في خدمة الخونه فلم يترحم عليك حينها سوي بعض الرفاق والفقراء والبسطاء من الوطن
اذا قرأت كلماتي هذه أقرأ الفاتحة علي روح عرابي وان كان هذا لا يغير في الامر شئ ولكن تبقي رساله الي عرابي ان عمرك لم يذهب سدي ان اشخاصا هنا يحترمونك ويحبوك
رحم الله الزعيم الوطني احمد عرابي …