كتب د / حسن اللبان
في أول يوم عمل بعد قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية أساسية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، ورسومًا جمركية أعلى على بعض الدول، تباين التأثير على أداء الاقتصاد المصري، إذ سجّلت البورصة أسوأ أداء يومي منذ عام، متأثرة بهبوط أسواق المال العالمية، وارتفع سعر الدولار ليتجاوز مستوى 51 جنيها
في حين يتوقع رجال أعمال أن تستفيد مصر من وضعها ضمن قائمة الدول المفروض عليها رسومًا جمركية بنسبة 10% فقط، خاصة مع وجود اتفاقية التجارة الحرة، أو اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة “الكويز”، التي تسمح بنفاذ المنتجات المصرية إلى الأسواق الأمريكية وهي معفاة من الجمارك
وهبط المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 3.34% – وهي أعلى نسبة انخفاض منذ عام – ليفقد 1060 نقطة، بضغوط مبيعات المؤسسات المصرية والمستثمرين الأفراد الأجانب، وخسر رأس المال السوقي 73 مليار جنيه (1.4 مليار دولار) ليهوى إلى مستوى 2.164 تريليون جنيه (42.8 مليار دولار)، واكتسى اللون الأحمر على تعاملات 181 شركة، أبرزها البنك التجاري الدولي – مصر (سي أي بي)، وفوري لتكنولوجيا البنوك والمدفوعات الإلكترونية، وبالم هيلز للتعمير، والقلعة للاستثمارات المالية، وإعمار مصر للتنمية، ومجموعة أي أف جي القابضة، فيما ارتفعت 8 أسهم فقط
قال نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنغ للاستثمارات المالية، إيهاب رشاد، إن البورصة المصرية سجلت تراجعات حادة خلال جلسة الأحد، متأثرة بقرارات الرئيس الأمريكي بشأن الرسوم الجمركية، مما أثر سلبًا على أداء أسواق المال الأمريكية والأوروبية وكذلك الآسيوية، وبالتبعية تأثرت بورصة مصر بهذه الموجة من الهبوط، رغم أن قرارات ترامب تأتي في صالح مصر، لوضعها في قائمة أقل الدول من حيث التعريفات الجمركية بنسبة 10% فقط مما يمنح مصر ميزة تنافسية للتصدير للولايات المتحدة، حسب قوله.
وأضاف رشاد، في تصريحات خاصة لـ CNNبالعربية، أن استمرار سياسة ترامب الجمركية دون تغيير، رغم الاعتراضات الداخلية، قد تستفيد منه مصر في حال ركزت على إعادة تصدير المنتجات والسلع للسوق الأمريكية، مستشهدًا بدولة الإمارات، التي تستحوذ نسبة 75% من حجم تجارتها الخارجية من خلال إعادة التصدير، وهو مثال يمكن لمصر تطبيقه والاستفادة من زيادة صادراتها للولايات المتحدة، مما ينعكس على نمو عوائدها الدولارية
وتوقع إيهاب رشاد أن تستمر البورصة المصرية في تسجيل تراجعات حادة خلال الجلستين المقبلتين على أقصى تقدير، وبعدها يحدث ارتدادت مع منتصف الأسبوع الحالي، مُعتبرًا أن تلك الفترة ستكون مؤشرًا لاتجاه أسواق المال العالمية والمحلية خلال الفترة المتبقية من عام 2025، خاصة أن بعض أسواق المنطقة، مثل السعودية سجلت تراجعًا حادًا بنسبة تجاوزت 6% لارتباطه بالمستثمرين الأجانب والتبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
ويرى نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنغ للاستثمارات المالية، أن تراجع البورصة المصرية فرصة للمستثمر طويل الأجل في اقتناء الأسهم التي تمتاز بأداء مالي قوي بعد تحركها لمستويات سعرية مغرية، مما يمكنه من تحقيق عائد يتراوح بين 25 إلى 30% من ارتداد هذه الأسهم لمستوياتها السابقة بصورة أسرع من باقي الأسهم المقيدة
حين قال رئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية – إيكما، محمد ماهر، إن هبوط سوق المال كان متوقعًا بعد الخسائر الضخمة في أغلب الأسواق كرد فعل لقرارات الرئيس الأمريكي بنسب تتراوح بين 10 إلى 50%، على الرغم أن مصر ضمن دول الشريحة الأقل للرسوم الحمائية، ولكن الأسواق تعيد تصحيح نفسها.
لفت ماهر، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن تأثير رسوم ترامب الجمركية، سيتباين على أداء الأسهم وفقًا لمدى الارتباط بالآثار السلبية أو الإيجابية للرسوم على الشركات، لافتًا أن أسواق المال تترقب ردود فعل الشارع الأمريكي والكونغرس وصانعي السياسات بأمريكا وكذلك ردود الفعل المحلية والعالمية واحتمالات تأجيل تطبيق الرسوم المرتفعة أو البدء في التفاوض مع كبار الشركاء التجاريين للولايات المتحدة
فيما ربط رئيس جمعية المصدرين المصريين (إكسبولينك)، محمد قاسم، تأثر الصادرات المصرية وفقًا للرسوم المفروضة على الدول المنافسة لها في كل سلعة على حدة، فإذا كانت الرسوم المفروضة على الدول المنافسة أعلى من مصر، فإن ذلك سيمنح ميزة تنافسية لزيادة الصادرات المصرية والعكس، موضحًا أن الملابس المصرية مُعفاة من الرسوم الجمركية لأمريكا ولكن سيتم فرض نسبة 10% وفقًا للرسوم الحمائية الجديدة، لذا قد لا تتأثر في حين سيتم فرض نفس النسبة على صادرات مصر من الألومنيوم والحديد، التي تصل رسومها الجمركية إلى 25%.
وحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، فإن صادرات مصر للولايات المتحدة بلغت 2.2 مليار دولار خلال عام 2024 بنسبة نمو سنوي 12.3%، وأبرزها الملابس بقيمة 739.9 مليون دولار، والخضر والفواكه بقيمة 113.8 مليون دولار، والسجاد وأغطية أرضيات بقيمة 123.3 مليون دولار، والحديد والصلب بقيمة 227.7 مليون دولار
وأضاف قاسم، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، أن الملابس المصرية المُصدرة للولايات المتحدة تنافس الواردة من دول الصين وفيتنام وبنغلاديش، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن اتفاقية “كويز” منفصلة عن الرسوم الحمائية التي فرضها “ترامب”، التي بموجبها تُعفى الملابس المصرية ولكن سيتم إضافة الرسوم الحمائية الأخيرة بنسبة 10%.
وبموجب اتفاقية الكويز، يُسمح لمصر بتصدير منتجات للولايات المتحدة مُعفاة من الجمارك بشرط وجود مكونات ومدخلات من إسرائيل في هذه المنتجات.
وأشار محمد قاسم إلى أن مصر تستفيد من وضعها ضمن قائمة الدول المفروض عليها رسومًا جمركية بنسبة 10% فقط، في جذب شركات أجنبية كبرى لإنشاء مصانع لإنتاج منتجات مصرية بنسبة مكون محلي مرتفعة للتصدير للولايات المتحدة الأمريكية، مما ينعكس على نمو الصادرات المصرية