كتب د / حسن اللبان
تحت ستار السرية، انكشف تحول استراتيجي عميق في السياسة العسكرية المصرية، تلك الدولة التي ارتبطت لعقود بالتكنولوجيا الغربية.
ماذا يعني هذا التحول؟ إنه يفتح الباب امام جميع الاحتمالات ويُنذر بإعادة تشكيل التوازنات الإقليمية بشكل جذري، ويُلقي بظلال كثيفة من الشك على مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية، بينما يُرسخ النفوذ الصيني كلاعب أساسي في المنطقة المضطربة.
لأجيال، سيطرت مقاتلات F-16 الأمريكية على سماء مصر، قوة جوية ضخمة امتلكت ثاني أكبر أسطول من نوعه بعد تركيا. لكن وراء هذا التفوق الظاهري، كانت تكمن حقيقة مُرة: قيود تكنولوجية خانقة فرضتها واشنطن، تركت هذه المقاتلات حبيسة حقبة الثمانينيات، عاجزة عن مجاراة التطورات الحديثة، مُسلحة بصواريخ عفا عنها الزمن بمدى لا يتجاوز 70 كم.
في المقابل، تتمتع إسرائيل بتفوق جوي ساحق، بفضل مقاتلات F-16 المُجهزة بصواريخ AIM-120 بعيدة المدى، تُمكنها من بسط سيطرتها على الأجواء الإقليمية بمدى يصل إلى 170 كم.


هل كُتب على مصر أن تظل حبيسة هذا الموقف الدفاعي إلى الأبد؟
من قلب الصين، يأتي الحل… مقاتلة J-10C ليست مجرد طائرة، بل هي وحش كاسر من شأنه تغيير قواعد اللعبة. صواريخ PL-15 المرعبة تنطلق من هذه المقاتلة، لتصل إلى أهداف على بُعد 300 كم، أي أبعد مما تتخيل. باستطاعة J-10C تحمّل أكثر من خمسة أطنان من الذخائر المتنوعة، وهي تنطلق بسرعة تقترب من ضعف سرعة الصوت، وتُحلق في دائرة قتال شعاعها يتجاوز 500 كم.
الأرقام تتحدث بوضوح: المسافة بين القاهرة وتل أبيب لا تتعدى ال 400 كم، مما يعني أن J-10C قادرة على الوصول إلى قلب إسرائيل في غضون 11 دقيقة فقط!
هل تستوعب معنى هذه السرعة؟ إنها تمنح مصر قوة ضاربة غير مسبوقة، وتُعيد التوازن إلى ساحة القتال الجوي، وتضع المنطقة بأكملها على صفيح ساخن.
لماذا اختارت مصر التنين الصيني بدلاً من النسر الأمريكي؟
الأسباب تتجاوز مجرد الكفاءة العسكرية. همس يدور في الكواليس: التكلفة المغرية والحرية التي تمنحها بكين تُشكل إغراءً لا يُقاوم، في عالم تتزايد فيه القيود والشروط السياسية الغربية. بينما ترفض واشنطن تزويد مصر بأحدث التقنيات، خوفًا من التفوق العسكري الإقليمي، تفتح الصين خزائنها التكنولوجية بسخاء، وتُقدم لمصر فرصة تاريخية لتحديث قواتها الجوية، من دون أن تُملي عليها شروطًا مُذلة.
هل كل ما يلمع ذهب؟
في الظل، تتربص تحديات خفية. دمج أنظمة صينية متطورة في بنية تحتية مصرية مُصممة للأنظمة الغربية، يُنذر بصراعات لوجستية معقدة. يبقى السؤال معلقًا: هل ستصمد الصادرات العسكرية الصينية أمام اختبار الزمن في بيئة قتالية حقيقية؟
في خضم هذه التغيرات، يُرسل قرار مصر رسالة مدوية إلى العالم، مفادها أن عصر الاعتماد الأحادي على مصادر التسليح قد ولى، ونحن الآن على أعتاب حقبة جديدة.