بقلم / عمار على حسن
من الأمور المتعارف عليها بيننا أن هناك مدرستين راسختين فى الحياة المصرية، هما مدرسة الراى، ومدرسة الخارجية. وقد أدارت هاتان المدرستان علاقاتهما مع الإقليم والعالم على أساس مبدأ توارثته الدولة المصرية على مدار تاريخها المعاصر وهو «عدم الاعتداء» و«البحث عما يفيدنا ويفيد غيرنا»، والتمسك به على قدر الاستطاعة.
ويجب أن تحكم السياسة الخارجية المصرية عدة أهداف، جرياً على ما تم اتباعه فى الماضى، وما يجب فعله فى المستقبل، يمكن ذكرها على النحو التالى:
1- ضرورة الدفاع عن الأمن القومى المصرى بمفهومه متعدد الجوانب، والذى لا يقتصر على الجانب العسكرى، بل يتعداه إلى الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حيث يمكن استغلال أى نقطة ضعف فى جانب منها فى تهديد الأمن، ولا يقتصر هذا على تأمين الدولة من الداخل إنما أيضاً دفع المخاطر والتهديدات الخارجية، الإقليمية والدولية.
ويرمى أى جهد يبذل فى هذا الاتجاه إلى ضمان حياة مستقرة للمصريين تمكنهم من استغلال أقصى طاقاتهم للنهوض والتقدم، فبدون تنمية لا يوجد أمن.
ويقوم كل هذا على قاعدة تؤمن بها مصر وهى أن خوضها أى حرب تُفرض عليها يكون على أساس أنها حرب دفاعية وعادلة.
2- انتهاج «الدبلوماسية الوقائية» فى سبيل حل الخلافات بين الدول، وعدم انزلاقها لتصبح نزاعات مسلحة وحروباً، تزهق فيها الأرواح، وتجمر فيها المنشآت والمساكن، وتترك خلفها أعباء اقتصادية واجتماعية ونفسية شديدة الوطأة.
وتأييد كل ما تقوله أو تفعله الأمم المتحدة فى الوساطات الدبلوماسية، والمساعى الحميدة، والإجراءات الاستباقية التى تهدف إلى الحيلولة دون وقوع الحروب، والعمل على تطوير المنظمة الدولية كى تواكب المتغيرات الحديثة، ما يعزز فعاليتها فى مواجهة التحديات التى تجابه السلم والأمن الدوليين.
3- إقامة العلاقات الدبلوماسية على أساس الوحدة الإنسانية أو المجتمع الإنسانى الواحد، التى تنطلق من مبدأ التساوى فى الأصل البشرى، ونبذ التمييز والعنصرية، والاحترام المتبادل بين الدول والشعوب، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، واحترام سيادتها، والتعاون الدائم بغية تحقيق المصالح المشتركة، مع إقرار مبدأ المساواة فى الحقوق بين الشعوب وحقها فى تقرير مصيرها، ورفض أشكال الاحتلال العسكرى كافة.
4- انتهاج «دبلوماسية التنمية» التى تبحث فى أى علاقة تقام مع دولة خارجية على ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المصرى، وبذا يُترجم فى تحقيق المطالب المادية للشعب المصرى، الرامية إلى بلوغ الكفاية، خصوصاً فى الغذاء والدواء والإيواء والكساء والتعليم.
5- الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات والمعاهدات والبروتوكولات والعقود الدولية التى وقّعت عليها مصر، وأخذت طريقها الدستورى الاعتيادى، وراعت القوانين المعمول بها فى جمهورية مصر العربية، والتى لا تعد اتفاقيات كريهة، أو قروضاً فاسدة وفق القانون الدولى، أو قوانين المؤسسات الدولية التى أبرمت معها مصر أى اتفاقيات وعقود.
6- رفض ضم المحتل الأراضى بالقوة، وتهجير سكانها الأصليين، وطمس مورثوهم الثقافى والحضارى، والاعتداء على ممتلكاتهم أو سلبهم إياها، واعتبار كل هذا جرائم ضد الإنسانية، وأعمالاً تهدد السلم والأمن الدوليين، بلا مواربة، ولا تردد.
7- الحفاظ على البيئة والحد من التغيرات المناخية السلبية هو مسئولية مصر ضمن الجميع، ولذا من الواجب أن تعمل الهيئات العمومية والمنظمات المستقلة والخاصة على الحد من التأثير السلبى للأنشطة البشرية التى تضر بنظافة البيئة، فى البر والبحر والجو، أو تضر بالتوازن البيئى، أو تهدد مستقبل الأجيال القادمة. ومن الضرورى هنا أن تكون هناك إجراءات تصحيحية مستمرة لضمان جودة البيئة، ومعرفة متجددة بكل ما يحافظ عليها.