كتب د / حسن اللبان
لم تنل منه لوائح الاتهامات ولا الإدانات الجنائية ولا محاولات الاغتيال، وعاد مجددا دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية. حقق المرشح الجمهوري فوزا غير متوقع، محدثا صدمة للديمقراطيين والعالم على حد سواء، بتقدم كاسح على منافسته كامالا هاريس. وحصد ترامب 277 صوتا من مجموع كبارالناخبين ليعود للبيت الأبيض بعد ثماني سنوات من فوزه على هيلاري كلينتون، وبعد أربع سنوات على خسارته أمام جو بايدن. أصداء هذا الفوز هزت العالم، فكيف علقت الصحف الأوروبية على هذه النتائج؟
جاءت تعلقيات الصحف الأوروبية على قدر الصدمة التي تسبب بها فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس في السباق إلى البيت الأبيض، إذ اعتبرت الصحف من جهة فوزه “نتيجة مزلزلة” ومن جهة أخرى خسارة الديمقراطية كامالا هاريس على أنها “كارثة وجودية للديمقراطيين”.
كتبت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية أن “ترامب لديه تفويض لإصلاح الولايات المتحدة بطريقة راديكالية للغاية. لن تكون هناك عودة إلى الوراء بعد النتيجة المزلزلة للانتخابات الأمريكية عام 2024″، مقدرةً أن “إعادة انتخاب ترامب تشكل كارثة وجودية للديمقراطيين” من شأنها “تغيير قواعد اللعبة بالنسبة لحلفاء أمريكا”.
أنانية بايدن ورغبة ترامب بالانتقام
واعتبرت الصحيفة أنه لو انسحب الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن “قبل ستة أشهر، لكان لدى الديمقراطيين وقت أطول لاختيار مرشح أفضل من هاريس (…) لقد أظهرت الأخيرة أداء يمكن وصفه في أحسن الأحوال بأنه متواضع عندما انتقل البحث إلى الاقتصاد، وهو موضوع بذلت قصارى جهدها لتجنبه”.
واعتبرت صحيفة “ذي تايمز” البريطانية من جانبها أن “حزب كامالا هاريس أخطأ في تقدير الفارق في الحماسة (بين أنصار الحزبين المتنافسين) وبالغ في تقدير موقفه على الأرض. ويبدو أن هذه الثقة بحماسة النساء لصالح هاريس كانت في غير محلها”، مذكّرة “بأن وضعا مماثلا حدث مع هيلاري كلينتون في عام 2016”.
ورأت صحيفة بريطانية أخرى هي “ذي تلغراف” أن “كامالا هاريس قادت أسوأ حملة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث”، قائلة إن “نائبة الرئيس لا يمكنها أن تلوم إلا نفسها”. وأشارت إلى أن “العرض الذي قدمته للشعب الأمريكي كان فارغ المضمون تماما وقام على أساس أي شخص إلا ترامب”.
اقرأ أيضامباشر: ترامب يفوز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بحصد 276 صوتا من مجموع كبار الناخبين
وفي فرنسا، وصفت صحيفة “لوموند” دونالد ترامب في افتتاحيتها بأنه “عائد (إلى السلطة) مدفوعا بغريزته السياسية ورغبته في الانتقام”، معتبرة أن “الملياردير الجمهوري حقق عودة تاريخية إلى القضايا التاريخية في سن 78 عاما، على الرغم من انتكاساته القانونية وطروحاته المتهورة”.
“الفائز هو الوحش الموجود داخلنا جميعا”
أما في إسبانيا فكتبت صحيفة “إل باييس” اليسارية أن فوز ترامب مرده إلى “طريقة عدوانية وذكورية وخالية من العقد في التفاعل مع الآخرين، تحل فيها الإهانات الفظة أو الألقاب الجارحة محل الحجج”. وأضافت “الفائز هو الوحش الموجود داخلنا جميعا”.
ورأت الصحيفة أن ترامب “نجح في تحديد هذه الغرائز الأساسية، وتمثيلها في شخصه، وتغذية تعطشه للانتقام، وتوليد أقوى آلة من المعتقدات والمعلومات والمشاعر الكاذبة في تعبئة انتخابية غير مسبوقة”
كتبت صحيفة “تريبون دو جنيف” السويسرية في افتتاحيتها “بسبب ضياعهم في خليط التقدمية المنفتحة على كل الاتجاهات، بما يشمل الفئات الأكثر تجذرا في الأقليات أو الأكثر طائفية، خسر الديمقراطيون الاشتراكيون، بالمعنى الواسع للمصطلح، ما كان سبب قوتهم: أي الشعبية”.
كما اعتبرت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” اليومية الناطقة بالألمانية في سويسرا، أن “الأمريكيين قاموا برهان محفوف بالمخاطر بانتخاب دونالد ترامب للبيت الأبيض، وهو أمر لا يمكن التنبؤ به”.
وأضافت “من المؤكد أن الضوابط والتوازنات التي ينص عليها الدستور الأمريكي تنطبق أيضا على ترامب، لكن من المحتمل أن يتجاهلها الجمهوري ويسبب الفوضى في واشنطن وعلى الساحة الدولية”.
“أوروبا غير مستعدة لترامب”
في بولندا، كتبت صحيفة “جيتشوسبوليتا” أن “المشكلة الأكبر، من وجهة نظرنا، هي أن أوروبا غير مستعدة تماما لترامب. ليس ثمة زعيم في أوروبا في الوقت الحالي قادر على أخذ زمام المبادرة في المجتمع الغربي (… ) تمر فرنسا وألمانيا بأزمة سياسية خطيرة”.
وأضافت “على أوروبا أن تؤدي واجبها بسرعة كبيرة على صعيد قيادة الغرب، قبل أن يتولى المسؤولية شخص مثل (رئيس الوزراء المجري) فيكتور أوربان أو (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين نفسه”.
وفي ألمانيا، رأت صحيفة “دير شبيغل” أن “انتصار ترامب يشكل نقطة تحول سياسية، ليس فقط بالنسبة للولايات المتحدة، بل للعالم أجمع أيضا”.
وكتبت “من المتوقع حدوث تغييرات هائلة في السياسة الخارجية والأمنية الأمريكية، والتي من المرجح أن تكون لها تداعيات سلبية، خصوصا بالنسبة للأوروبيين. يرى ترامب العالم بمثابة غابة لا ينطبق فيها إلا قانون الأقوى”.