كتب د / حسن اللبان
شهدت البورصة المصرية أداء سلبيا خلال الأيام الماضية، إذ تراجع المؤشر الرئيسي 3750 نقطة ليصل إلى مستوى 25917 نقطة، وفقد رأس المال السوقي 235 مليار جنيه (4.9 مليار دولار) خلال أسبوع ليهبط أدنى مستوى 2 تريليون جنيه.
وأرجع خبراء أسباب هذا الهبوط الحاد إلى التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط، واتجاه المتعاملين خاصة المؤسسات المحلية إلى جني الأرباح بعد الصعود القوي لسوق المال خلال العامين الماضيين، وزاد من حدة التراجعات عمليات البيع الاضطراري للأسهم “مارجن كول” بعد خسائر محافظ المستثمرين.
وقال نائب رئيس مجلس إدارة شركة مباشر كابيتال هولدنغ للاستثمارات المالية، إيهاب رشاد إن “الخسائر الضخمة التي شهدتها البورصة منذ جلسة تداول الخميس الماضي، نتيجة العديد من الأخبار السلبية بدأت بظهور أنباء عن بدء تطبيق تحصيل ضريبة أرباح رأسمالية على المستثمرين بسوق المال، وتلتها تزايد وتيرة التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، مما انعكس على تحقيق خسائر بمحافظ المستثمرين، ودفع شركات سمسرة إلى البيع الاضطراري “مارجن كول” لأسهم عملائها مما زاد من حدة الهبوط”.
وخسرت البورصة المصرية أكثر من 88 مليار جنيه (1.8 مليار دولار) من قيمتها السوقية خلال جلسة تداول الخميس، بعد تداول أنباء عن استعداد وزارة المالية وشركة مصر للمقاصة المسؤولة تسوية معاملات الأوراق المالية بالسوق المصري تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية من المستثمرين.
وأضاف رشاد، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن “الخسائر التي حدثت بعد الأنباء عن بدء تطبيق تحصيل ضريبة أرباح رأسمالية على المتعاملين قد تؤدي إلى دراسة تأجيل تحصيل هذه الضريبة”، متابعا أنه “كان من الأفضل تطبيق ضريبة الدمغة على المتعاملين المصريين بالبورصة أسوة بالأجانب لتحقيق العدالة الضريبية”.
ونفت وزارة المالية، في بيان، التقارير الصحفية التي زعمت اعتزامها تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية من المستثمرين في الأسهم والسندات بالبورصة خلال شهرين، مؤكدة عدم وجود إلزام للمستثمرين بتقديم إقرار ضريبي بشأن الأرباح الرأسمالية للأوراق المالية المقيدة.
واستبعد إيهاب رشاد تأثر ثقة المستثمرين الأجانب بوقف بعض عمليات التداول بسبب انقطاع الكهرباء عن شركة تسوية تعاملات البورصة، مضيفا أن هذه الواقعة “مؤقتة ولن تكرر مرة أخرى”، وقال: “أعتقد أن تتجه الدولة لاستبعاد شركة مصر للمقاصة من خطة تخفيف الأحمال، مع توفير الشركة مصادر كهرباء احتياطية حال انقطاع الكهرباء لضمان استقرار الخدمة”.
وتأثرت بعض عمليات التداول في البورصة، خلال جلسة الاثنين الماضي، بانقطاع الكهرباء عن شركة مصر للمقاصة المسؤولة عن تسوية التعاملات في سوق المال، وفور وصول الخدمة اندفع عدد كبير من المستثمرين العرب والأجانب لبيع الأسهم.
وتوقع رشاد تعافي البورصة خلال الفترة المقبلة، وصعود المؤشر الرئيسي ولكن دون أن يصل لمستوياته السابقة فوق مستوى 30 ألف نقطة، وذلك لأن البورصة تشهد انخفاضا في التداول خلال فترة أشهر الصيف، وعدم وجود محفزات قوية تدفع المستثمرين لزيادة حجم الاستثمار بسوق المال.
وأغلق المؤشر الرئيسي للبورصة تعاملات هذا الأسبوع عند مستوى 25917 نقطة بعد تراجعه بنسبة 3.21% خلال جلسة الأربعاء، وهي آخر جلسات التداول بسبب عطلة عيد “تحرير سيناء” الخميس، ليقلص المؤشر أرباحه إلى 4.11%.
وأرجعت عضو مجلس إدارة البورصة، ورئيس شركة ثري واي لتداول الأوراق المالية، رانيا يعقوب، سبب تراجع مؤشرات البورصة إلى المبيعات القوية للمؤسسات المحلية لجني الأرباح بعد صعود دام أكثر من عامين، واتجاه هذه المؤسسات للبحث عن بدائل استثمارية أكثر أمانا مثل أذون الخزانة، والتي تشهد إقبالا واسعا من المستثمرين الأجانب، مستبعدة أن يكون للتوترات الجيوسياسية تأثير كبير على أداء البورصة.
وشهدت الفترة الماضية، إقبالا كبيرا من المستثمرين الأجانب على شراء أذون الخزانة الحكومية المصرية بعد رفع الفائدة 600 نقطة أساس، وتوصل مصر لاتفاق مع صندوق النقد الدولي على زيادة قيمة القرض المقدم إلى 8 مليارات دولار.
وأضافت يعقوب، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن قطاعات العقارات ومواد البناء والبنوك حققت تراجعت كبيرة خلال الأيام الماضية، وزاد من حدة التراجعات البيع الاضطراري لأسهم العملاء “مارجن كول” وأدى إلى زيادة الضغوط البيعية على المؤشرات المصرية.
واتفقت رانيا يعقوب مع رأي إيهاب رشاد حول عدم تأثر انقطاع الكهرباء على ثقة المستثمرين الأجانب، مشيرة إلى وقائع مماثلة شهدتها شركات كبرى وكذلك أسواق مال خلال الفترة الماضية، كما اتفقت كذلك معه في الرأي على عدم وجود ضريبة جديدة على التعاملات في البورصة، موضحة أن ضريبة الأرباح الرأسمالية سبق تأجيلها لمدة عامين، وكان من المفترض بدء تحصيلها خلال الشهر الحالي إلا أنه حتى الآن لم يتم الاستقرار على آلية تحصيلها.
وسبق أن أقر البرلمان المصري تعديلات على قانون ضريبة الدخل تضمنت تخفيض ضريبة الأرباح الرأسمالية بنسبة 10% على نسبة 50% من المكاسب المحققة من بيع الأسهم في الشركات المقيدة، على أن تنخفض إلى 25% بعد عامين من إقرار التعديلات بهدف تشجيع الطروحات العامة الأولية.
ونصحت رانيا يعقوب، المتعاملين بالبورصة الاحتفاظ بالسيولة، وتجنب الشراء العشوائي وفتح مراكز هامشية خلال الفترة الحالية، والتوجه نحو عمليات المتاجرة السريعة والتي تراها أنها “الأنسب لحالات التذبذبات العنيفة”.
وقال العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، محمد حسن، إن التوترات الجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط السبب الرئيسي وراء الهبوط الحاد لمؤشرات البورصة على مدار الفترة الماضية، إضافة إلى عوامل أخرى منها عمليات جني الأرباح من قبل المتعاملين بعد الصعود القوي للبورصة خلال العامين الماضيين، والأنباء عن بدء تطبيق تحصيل ضريبة الأرباح الرأسمالية.
وأضاف حسن، في تصريحات لـCNN بالعربية، أن كل القطاعات تأثرت سلبا بموجة تراجع البورصة، خاصة وأن عمليات البيع الاضطراري للأسهم زاد من وتيرة الهبوط بشكل كبير خلال الجلسات الثلاث الماضية، متوقعًا تحرك البورصة في اتجاه هابط على المدى القصير، على أن تبدأ رحلة صعود مرة ثانية مطلع يونيو/ حزيران أو يوليو/ تموز.