كتب د / حسن اللبان
وجهت مصر خطابا لمجلس الأمن الدولي بعد إعلان رئيس وزارء إثيوبيا آبي أحمد تشغيل سد النهضة الإثيوبي رسميا.



وجهت مصر ممثلة في وزير الخارجية بدر عبد العاطي، اليوم 9 سبتمبر 2025، خطاباً رسمياً هاماً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، على خلفية التطورات الأخيرة في ملف سد النهضة الإثيوبي، وتحديداً عقب إعلان أديس أبابا عن اكتمال بناء وتشغيل السد، في خطوة وصفتها مصر بأنها أحادية ومُخالفة للقانون الدولي.
أكد وزير الخارجية في نص الخطاب أن جميع المساعي الإثيوبية لمنح سد النهضة غطاءً زائفاً من القبول أو الشرعية تظل باطلة، مشدداً على أن السد يُعدّ إجراءً أحادياً مخالفاً للقانون الدولي والأعراف الدولية، ولا يُنتج أي آثار قانونية تؤثر على النظام القانوني الحاكم لحوض النيل الشرقي.
وأوضح أن أية نتائج أو تبعات تسعى إثيوبيا إلى فرضها عبر هذا المشروع غير المشروع لا تعني مصر ولا تُلزمها قانوناً أو سياسياً، وأن مصر لا تعترف بأي من هذه الإجراءات الأحادية، ولا تقبل بأي تأثير لها على المصالح المائية الوجودية لكل من مصر والسودان.
أشار الخطاب إلى أن الإعلان الأخير عن تشغيل السد يُشكل خرقاً جديداً يُضاف إلى قائمة طويلة من الانتهاكات الإثيوبية للقانون الدولي، بما في ذلك:
- تجاهل التفاهمات والمبادرات الدولية.
- رفض التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم حول ملء وتشغيل السد.
- انتهاك مبدأ عدم الإضرار بموجب القانون الدولي للمياه.
- التراجع عن التزامات قدمتها سابقاً في مفاوضات ثلاثية ورباعية.
كما أكّد الوزير أن هذه التصرفات تُناقض البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر 2021، والذي دعا إلى استئناف المفاوضات بحسن نية، وتجنب أي إجراءات أحادية تهدد السلام والأمن الإقليميين.
أشار عبد العاطي إلى أن مصر، منذ بدء المشروع الأحادي لسد النهضة، التزمت بأقصى درجات ضبط النفس، واختارت اللجوء إلى الدبلوماسية والحوار والمؤسسات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ليس لعجز عن الدفاع عن مصالحها، بل انطلاقاً من إيمانها الراسخ بأهمية التعاون الإقليمي وتحقيق المصلحة المشتركة.
وأضاف: “لقد آثرنا المسار السلمي والتفاوضي، وسعينا جاهدين لحل الأزمة عبر الحوار، لكن إثيوبيا، من جهتها، تبنت مواقف متعنتة، وسعت إلى التسويف، وفرض الأمر الواقع، مدفوعة بأجندة سياسية داخلية تهدف إلى تعبئة الرأي العام الإثيوبي ضد “عدو وهمي”، مستخدمةً خطاباً قومياً زائفاً حول السيادة، بينما نهر النيل هو ملكية مشتركة لدول الحوض، وليس ملكاً لأحد”.
شدد وزير الخارجية على أن أية تصورات مغلوطة تُروّج لها بعض الأطراف حول احتمال أن تغض مصر الطرف عن مصالحها الوجودية في نهر النيل هي “محض أوهام”، مؤكداً أن: “مصر متمسكة بإعمال القانون الدولي في إدارة موارد نهر النيل، ولن تسمح بأي محاولة للهيمنة الأحادية على مياهه.”
وأوضح أن السيادة على الموارد المائية لا تعني الاستخدام الأحادي، بل تعني الإدارة العادلة والمنسقة وفقاً للمبادئ الدولية.
في ختام الخطاب، أكدت مصر أنها تحتفظ بحقها الكامل في اتخاذ جميع التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن المصالح المائية الوجودية لشعبها، دون إغلاق الباب أمام الحلول السلمية.
وأكدت أن الدفاع عن الأمن المائي المصري ليس تهديداً للسلام، بل هو واجب دستوري ووطني، وأن مصر ستواصل استخدام جميع الوسائل المشروعة، سواء الدبلوماسية أو القانونية، للحفاظ على حقوقها التاريخية في نهر النيل.