بقلم دكتورة / أميرة النبراوي
لم تكن قهوتها مرّة بما يكفي هذا المساء…
جلست أمام النافذة، فنجانها بين يديها، يتصاعد منه بخارٌ خفيف، كأنه أنفاسها المكبوتة منذ الغياب الأول. حاولت أن تتذوق، أن تبتسم، أن تُقنع نفسها بأن المساء عادي، كأيّ مساءٍ آخر. لكنه لم يكن كذلك.
كلّ شيء كان ناقصًا.
رائحة القهوة، صوت المذياع، حتى انعكاسها في زجاج النافذة بدا شاحبًا… بلا روح.
“سئمتُ الانتظار”، همست بها وكأنها تعترف بخطيئة.
مرّت أصابعها على حافة الفنجان، تتلمّس الفراغ كأنها تتلمّسه في صدرها. الاشتياق؟ نعم، يؤلمها. لكنها ما عادت تعرف: هل ينهكها الانتظار؟ أم يقتلها الحنين؟ أم أن الفقد صار جزءًا منها، لا تميّزه من نفسها؟
كانت تظن أن الحبّ يمنح الحياة لونًا. لكنه، في غيابه، سرق كل الألوان. صارت الحياة رمادية، لا تُبكِي ولا تُضحك، فقط تمرّ… باهتة، صامتة.
جلست هناك، في تلك العتمة التي صنعها غيابه، تتأمل وجوه الذكريات وهي تمرّ أمامها. بعضها يبتسم، بعضها يبكي، لكن أكثرها… يرحل.
ولم يكن في فنجانها ما يُقال.
فقط مرارة… تشبهها كثيرا .