بقلم / فوز حمزة
أذكرُ أننّي كنتُ أجلسُ في حوشِ الدار، بيدي دميتي الصغيرة ذاتَ الشعر الأشقر، كانت دميتي بعمر خمس سنوات، مثلي تمامًا، تنظرُ معي إلى السماءِ التي كانتْ تمطرُ بغزارةٍ. حاولتُ أن أجيب والدي حينما سمعتهُ يصرخُ كالرعد كي أدخل، صوتي لم يطاوعني وبقي محبوسًا داخل رقبتي حتى بعد دخولي المدرسة.
شفتاي كانتْ تتحرك بصوتٍ غير مسموع!. الغريب أن أمي وأبي وأخوتي كانوا يتفاخرون أمام الناس بصمتي ، فازدادُ خرسًا.
ذات ظهيرة، وأنا أستحمُ، حدثَ شيء غريب! سمعتُ نفسي تدندنُ بأغنية حب. حدث ذلك رغمًا عني، صوتي كان جميلاً، لكن سرعان ما أخفيته في إحدى زوايا الحمام لئلا ينكشفَ أمري.
قال لي أبي: ستتزوجينَ بعد ليلتينِ أو ربما جمعتينِ. وهو يخرج من الغرفة، أمرني أن أخبئَ صوتي بين ثيابي كي لا يسمعه عريسي.
في ليلة زفافي، وأنا أحاول إخراج صوتي من الحقيبة، همسَ زوجي: ما حاجتي إليه؟!. ثم استطرد بعد أن قبّلني: ما رأيكِ لو ندفنهُ تحتَ إحدى الأشجار؟.
اكتفيتُ بهزةٍ رأس، وأنا أنظر إلى زوجي يدفنُ صوتي تحت شجرة النارنج.
مرتْ المواسمُ، وروتْ الأمطارُ الشجرةَ لتزهرَ ذاتَ ربيع. كانتْ الطيورُ تغردُ بصوتٍ جميلٍ. كان ذلك صوتي!.
كم أفتقدُ صوتي!.