كتبت : هدير محمد هاشم
يشهد الجنيه المصري حالة من الاستقرار في مواجهة العملات الأجنبية ، رغم تقلبات سعر الصرف للعملات الأجنبية في معظم دول العالم ، و بدعم من قوة الاقتصاد و التزايد المستمر في الاحتياطي الدولي من النقد الأجنبي.
و بلغ صافي الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي لمصر بنهاية نوفمبر الماضي 40 ملياراً و 909 ملايين دولار ، مقابل 40 ملياراً و 849 مليون دولار بنهاية أكتوبر السابق عليه ، و تشهد الاحتياطيات الأجنبية لمصر زيادات منذ شهر يونيو 2020.
و حافظ الجنيه المصري على استقراره في مقابل الدولار للشهر الثالث على التوالي في معظم البنوك العاملة في مصر ، و على مدى شهري “أكتوبر و نوفمبر” الماضيين اتسم سعر الدولار بالهدوء و الاستقرار ، حيث سجل متوسط سعر 15.64 جنيه للشراء و 15.74 جنيه للبيع ، وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
و أكد خبراء مصرفيون أن ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي لمصر ، سبب قوي لاستقرار سوق النقد و سعر الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية ، و متوقعين استمرار استقراره خلال الفترة المقبلة.
و قال “محمد عبد العال” الخبير المصرفي و عضو مجلس إدارة أحد البنوك الحكومية : إن استقرار الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية ، كان بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي اتخذها البنك المركزي و بدعم من القيادة السياسية ، و التي أدت إلى استقرار اقتصادي و سياسي ، ما شجع على جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة و غير المباشرة.
و أشار إلى ارتفاع تحويلات المصريين العاملين في الخارج ، حيث سجل إجمالي التحويلات في 9 أشهر خلال الفترة من يناير حتى سبتمبر 2021 ، نحو 24 مليار دولار بزيادة قدرها نحو 1.9 مليار دولار و بمعدل 8.8% مقارنة بالفترة يناير/سبتمبر 2020.
كما حقق الجنيه المصري ثاني أفضل أداء مقارن بعملات الدول الناشئة المماثلة ، و سجل أفضل عائد حقيقي للمستثمرين الأجانب في أوراق الدين العام ، و مهّد استقرار سعر الصرف السبيل لنجاح البنك المركزي في تنفيذ سياساته النقدية لاستهداف التضخم و المحافظة عليه ، و مستهدفا تحقيق معدل التضخم عند %7 (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2022 ، و استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
و ساعد استقرار سعر الصرف على نجاح السياسة النقدية المرتبطة بأسعار الفائدة في شقها التيسيري المرن ، و هو الأمر الذي شجع على زيادة الطلب على الائتمان المصرفي أيضاً مدخرات القطاع العائلي.
و من ناحية أخرى نجد أن استقرار سعر الصرف كان أحد عناصر القوة التي حدت بمؤسسات التقييم الدولية إلى تثبيت تقيم مصر الائتماني ، رغم ظروف جائحة كورونا ، الأمر الذي ساعد على اللجوء إلى أسواق السندات الدولية ، و كان نجاح مصر في تسويق سنداتها في الأسواق الخارجية يعني أن هناك ثقة في الملاءة الائتمانية المصرية ، و في قدرتها على الولوج إلى أسواق رأس المال الدولي ، إذا ما احتاجت تمويلاً بالنقد الأجنبي ، هذا إلى جانب تأكيد قدرتها على السداد ، أدى ذلك إلى حالة من الاطمئنان النفسي لصالح الجنيه.
و توقع الخبير المصرفي محمد عبد العال تحسن أداء الاقتصاد المصري خلال العام الجديد نتيجة ظهور آثار مبادرات دعم السيولة و السياسة النقدية فائقة التيسير ، و التي أتاحها البنك المركزي لمواجهة تداعيات جائحة كورونا في العام الماضي و المستمرة حتى الآن.
كما توقع استمرار تحسن إيرادات المصادر التقليدية المصرية للنقد الأجنبي ، و بالأخص مع زيادة الحركة السياحية ، فإن ذلك سيعطي دفعة قوية لاستقرار الجنيه ، و زيادة الاحتياطي النقدي ، و بالتالي استمرار تحسن المؤشرات الكلية للاقتصاد المصري.
و من ثم نستطيع القول إنه مع افتراض تنامي و استمرار العوامل الإيجابية السابق ذكرها ، فإن الجنيه المصري سيظل محتفظاً بعوامل دعم ربما تجعله مستقراً بين مدى سعري متوسطة 15.75 جنيه لكل دولار خلال الستة أشهر القادمة.
و توقع الخبير الاقتصادي عدم رفع أسعار الفائدة إلا في حالة زيادة معدل التضخم عند الحد الأقصى للمستهدف له أي فوق 9% ، و هو أمر مستبعد على المدى القصير و المتوسط ، و من الصعب الحكم على الأوضاع قبل نهاية النصف الأول من 2022.
و قالت “رضوى السويفي” رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار “فاروس” : إن الدولة تمكنت عبر برنامجها للإصلاح الاقتصادي و الهيكلي بمحاوره المختلفة من تحويل التحديات إلى فرص تنموية ، و التأسيس لاقتصاد وطني قوي و متماسك و متنوع و مرن ، بحيث يكون قادراً على تحقيق المستهدفات و معدلات النمو الإيجابية ، و مواجهة الأزمات و تجاوز تداعياتها داخلياً و خارجياً.
و أشارت إلى المذكرة البحثية التي أعدها بنك جيه. بي مورجان ، بشأن الموافقة على انضمام مصر إلى مؤشر سندات حكومات الأسواق الناشئة اعتباراً من نهاية الشهر المقبل ، و لكي لتصبح واحدة من دولتين فقط بالشرق الأوسط و أفريقيا منضمة لهذا المؤشر ، و نوهت بزيادة الاستثمارات المباشرة لمصر و التي بلغت 7 مليارات دولار متوقعة زيادتها في الفترة المقبلة.
و أوضحت أنه خلال العام الجاري، كانت المصادر الدولارية مقارنة بالطلب متوازية تقريباً ، حتى في حدوث زيادة في الطلب على الدولار ، كانت هناك مصادر دولارية استطاعت التغلب على الطلب ، و توقعت استمرار استقرار الجنيه المصري خلال الفترة المقبلة ، و إذا حدث تغيير فإن الجنيه سوف يتحرك في نطاق ضئيل جداً تبعاً للتدفقات الدولارية.
و قالت ايضا : إن هناك أسباباً قوية تعمل على زيادة إيرادات مصر من العملة الأجنبية عام 2022 ، من أهمها زيادة تصدير الغاز الطبيعي للخارج من خلال فتح أسواق جديدة ، و بالإضافة إلى زيادة الحركة السياحة و التي شهدت إقبالاً خلال العام الجاري ، و متوقعة زيادة الإقبال خاصة بعد قرار السلطات الروسية برفع القيود المفروضة على الرحلات الجوية إلى منتجعي “شرم الشيخ و الغردقة” من المدن الروسية ، التي استؤنفت فيها رحلات الطيران الدولي بالنسبة لقطاع السياحة هناك.
كذلك زيادة تحويلات المصريين في الخارج و التي بلغت 31 مليار دولار تقريباً خلال العام الجاري ، و زيادة إيرادات حركة النقل و عبور السفن في الشريان الرئيسي لحركة النقل العالمية “قناة السويس”.
و على صعيد العملات الأجنبية الرئيسية الأخرى و في البنوك المصرية، تباينت أسعار العملة الأوروبية ارتفاعاً و تراجعاً ، و ذلك بعد أن شهدت خلال شهر نوفمبر تراجعاً كبيراً ما بين 40 – 50 قرشاً شراءً و بيعاً.
و كما سجل سعر الجنيه الإسترليني تبايناً من حيث الشراء و البيع ، بعد أن شهد هبوطاً تراوح ما بين 47 – 75 قرشاً خلال شهر نوفمبر الماضي.