بقلم / عصام أبو بكر
ما جري من إعتراف إسرائيل بأقليم أرض الصومال الانفصالي يدخل ضمن إطار مخطط التهجير فالصفقة هي أن تعترف إسرائيل بأقليم أرض الصومال الأنفصالي كدولة مستقلة ثم تتبعها أمريكا مقابل ان تستقبل أرض الصومال الفلسطينيين المهجرين من قطاع غزة قسرا ، فما يجرى حاليًا هو مخطط متكامل لتهجير الفلسطينيين وتفريغ القطاع وإسرائيل ماضية فى استكماله دون رادع بإنهاء وتدمير غزة بالكامل والتخلص من حماس نهائيًا، ومع صدور أوامر إخلاء فورية للسكان والمصادقة على خطة احتلال غزة بالكامل اعتقادًا بأن «احتلال أراضى قطاع غزة والسيطرة عليه سيسمح بهزيمة حركة حماس والضغط على الغزيين لمغادرة القطاع بعد خنقهم فى أماكن ضيقة أقرب إلى معسكرات الاعتقال»، يمكن القول إنه مخطط متكامل لتفريغ القطاع وتهجير سكان غزة.
ما تقوم به إسرائيل الآن هو تهجير الفلسطينيين قسريًا بشكل طوعى فيما يسمى «الهجرة الطوعية»، لكن الحقيقة أنه تهجير قسرى عبر إعادة احتلال قطاع غزة وتضييق الخناق عليهم بعد القضاء على كل فرصة حياة فى داخل القطاع، بعد أن يفقد سكان غزة الأمل فى الحياة فى القطاع ولن يعيشوا فى خيام طيلة حياتهم لإرغامهم على الهجرة الطوعية على مدار سنوات.
ثم تبدأ الخطة الثانية من حرب غزة، وهى الأهم والأخطر والتى تسمى «الحرب الصامتة»، وستكون مغلفة بالمساعدات الإنسانية لإخفاء هدفها الأساسى وهو التهجير٣ الطوعى وتفريغ غزه من سكانها، وستكون هذه الحرب بعيدة عن الإعلام، وهذا هو الهدف الرئيسى من حرب غزة «التهجير» وتفريغ القطاع، وسيجبر فيها الفلسطينيون وبصمت وبعيدًا عن الإعلام على «التهجير الطوعى» بعد تدمير كل مرافق الحياة فى غزة، والتى تحتاج إلى ما لا يقل عن 10 سنوات لإعمارها.
فهل سيتحمل الفلسطينيون المكوث فى خيام لمدة 10 سنوات أو أكثر حتى يتم إعمار غزة، طبعًا لن يستطيعوا ذلك، والدول التى ستستقبلهم أصبحت جاهزة ومن ضمنها أرض الصومال التي اعترفت بها إسرائيل مقابل موافقة أرض٣ الصومال علي إستقبال الفلسطينيين المهجرين من القطاع مع الوعود التى أطلقها ترامب للفلسطينيين فى حالة مغادرة القطاع بأنهم ستفتح أمامهم خيارات كثيرة للسفر حول العالم.
وكان نتنياهو قد أشاد بخطة ترامب لإجلاء سكان قطاع غزة أثناء إعادة إعمار القطاع، وقال عقب الاجتماع الذى عقده مع الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض إن هناك «محادثات إيجابية مع دول أخرى ترغب فى استقبال سكان قطاع غزة»، إلا أنه رفض الكشف عن هذه الدول والتي شتظهر تباعا وكانت أولعا هي أقليم أرض الصومال
وقال إن «سكان غزة محتجزون فى القطاع ولا يتم السماح لهم بالمغادرة أو الهجرة، فى حين أنها منطقة نزاع. ولسنا نحن من يحتجزهم أو من يمنعهم من الهجرة، ولكن هناك دولًا أخرى تمنعهم» فى تلميح واضح لدور مصر فى منع مخطط التهجير.
وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلى يسرائيل كاتس من قبل أن وكالة خاصة من أجل «الهجرة الطوعية» للغزيين سيتم إنشاؤها، مع إبداء إسرائيل التزامها بالمقترح الأمريكى بالسيطرة على القطاع الفلسطينى وتهجير سكانه، وأمر كاتس الجيش الإسرائيلى، فى وقت سابق، بإعداد خطة تسمح بالهجرة الطوعية لسكان قطاع غزة، مرحبًا بخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب التى «يمكن أن توفّر فرصًا واسعة لسكان غزة الذين يرغبون فى المغادرة، وتساعدهم على الاندماج بشكل مثالى فى دول الاستضافة، وأن تسهل كذلك التقدم فى برامج إعادة الإعمار لغزة منزوعة السلاح وخالية من التهديدات»، على حد قوله.
وقد بدأت إسرائيل بالفعل مخطط «التهجير الطوعى» كخطوة أولى نحو التهجير، فقد نظمت الحكومة الإسرائيلية، على مدار الأشهر الماضية، رحلات جوية لنقل فلسطينيين، من قطاع غزة، من مطار رامون، وأخرى برية وبحرية عبر ميناء أشدود البحرى، وذلك تحت ستار، العمل أو العلاج أو الإقامة فى أوروبا، وقدمت حوافز للعديد منهم، للانتقال إلى بلدان مثل إندونيسيا ودول أوروبية منها اليونان وقبرص، وأيضًا دول إفريقية مثل رواندا وجنوب إفريقيا.وكان أخرها الاعتراف بأرض الصومال مقابل إستقبال أرض الصومال عدد من الفلسطينيين المهجرين من القطاع
وقد غادر قطاع غزة عبر مطار رامون الإسرائيلى 70 مواطنًا فلسطينيًا إلى دول أوروبية
وحسب مواقع عبرية قالت إن المغادرين هم أشخاص أو أسر يحملون جنسية أجنبية تسمح لهم بالإقامة هناك، وكشفت وسائل الإعلام العبرية، عن أن حكومة نتنياهو ساعدت فى عملية التسفير كجزء من خطتها التى أقرتها قبل أيام فيما تسميه تشجيع «الهجرة الطوعية».
وأفادت شبكة «إن بى سى» NBC الأمريكية بأن إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب تدرس نقل جزء من سكان غزة لخارج القطاع خلال عملية إعادة الإعمار، وكانت وكالة أسوشيتد برس قد أفادت، فى وقت سابق، بأن مسئولين أمريكيين وإسرائيليين تواصلوا مع مسئولين من ثلاث حكومات فى إفريقيا منها ارض الصومال وجنوب أفريقيا لمناقشة إمكانية نقل فلسطينى غزة النازحين إلى أراضيها.
وصدر تقرير الصحفى الإسرائيلى يانون ماجال قال فيه إن الجيش يعتزم هذه المرة إخلاء جميع سكان قطاع غزة إلى منطقة إنسانية جديدة سيتم إنشاؤها للإقامة الطويلة، وسيتم تحديدها وسيتم أولًا فحص أى شخص يدخل إليها للتأكد من أنه ليس إرهابيًا وأى شخص يبقى خارج المنطقة الإنسانية سيتم «اعتقاله أو قتله» وستكون هذة المناطق أشبه بـ«معسكرات اعتقال» كبيرة على غرار ما فعلته إيطاليا مع ليبيا إبان احتلالها وهذه الخطة مدعومة من الولايات المتحدة كتمهيد لتهجيرهم خارج القطاع بالاتفاق مع دول أفريقية واوروبيه
وقد أصدرت مصر بيانًا رسميا من قبل وجهت فيه القاهرة تحذيرات للولايات المتحدة وإسرائيل، من مغبة الإقدام على تنفيذ خطة احتلال كامل قطاع غزة، وذلك عبر قنوات دبلوماسية مباشرة، مشددة على رفض مصر التام لأى عمليات موسعة أو اجتياح برى شامل لقطاع غزة، ومحاولة تهجير السكان من قطاع غزة حيث يشكل ذلك تهديدًا خطيرًا للأمن القومى المصرى ويضع معاهدة السلام الموقعة بين مصر وإسرائيل عام 1979 فى مهب الريح. كما حذرت مصر الدول التى تريد استقبال الفلسطينيين من الاشتراك فى هذه الجريمة التى هى بمثابة «جريمة حرب»، مشيرة إلى أن احتلال غزة وتهجير سكانها يعد تصفية للقضية الفلسطينية.
حرب غزة فى نسختها الحالية لم تعد معركة ضد حماس أو رهائن أو صواريخ. ما يجرى على الأرض يتجاوز كل العناوين الظاهرة، ليكشف عن هدف خفى وواضح هو تفريغ غزة من سكانها فهذه ليست حربًا ضد تنظيم- كما يصورونها لنا- بل هى حرب تصفية لمنطقة كاملة، لإنهاء غزة ديموغرافيًا وجغرافيًا وتفريغها من سكانها وتهجيرهم خارج القطاع. إسرائيل لا تنوى احتلال القطاع، ولا حتى إدارته. من سيقوم بذلك لاحقًا هى الولايات المتحدة، بغطاء دولى، وعبر ترتيبات إقليمية.
الخطة وإن لم يُصرّح بها علنًا تبدو جليّة: تفريغ القطاع من مليون ونصف المليون فلسطينى. قد يبدو الأمر خياليًا، لكنه ليس كذلك. فعدد السكان قليل نسبيًا، والضغط النفسى والمعيشى الهائل كفيل بدفع عشرات الآلاف للهجرة إن فُتحت الأبواب. أما من سيتبقى، فسيُدار ضمن إطار أمنى مشدد، أو تحت وصاية دولية، كما أن ترامب العائد بقوة إلى المشهد السياسى الأمريكى، لن يتردد فى مكافأة الدول التى تستقبل الغزيين: بإعفاءات مالية، دعم اقتصادى، وربما شطب ديون.
الحرب الدائرة الآن، بكل قسوتها، ليست إلا واجهة لمشروع أخطر: تغيير وجه غزة إلى الأبد، وتحويلها من أرض فلسطينية، إلى بقعة متعددة الجنسيات، تحت إدارة أمريكية جديدة، وواقع جديد























































