بقلم / محمد خليفة
# عندما يصيبك الملل
الملل في العمل ليس مجرد شعور عابر بل هو حالة نفسية قد تؤثر بشكل كبير على أداء الموظفين ونجاح المؤسسات قد يظن البعض أن الملل يعود فقط إلى روتين العمل أو ضغط المهام لكن الحقيقة أكثر تعقيدا من ذلك ففي العديد من المؤسسات نجد أن الملل يعكس مشكلة أعمق بكثير وهي غياب التقدير فالتقدير هو أحد أكبر المحفزات النفسية لأي موظف في أي مجال الموظف الذي يشعر بأنه غير مقدر من قبل المسؤولين لا يستطيع أن يقدم أفضل ما لديه يمكن أن يكون التقدير في شكل كلمات شكر أو حتى اعتراف بسيط بإنجازاته عندما يحرم الموظف من هذا التقدير يصبح العمل مجرد مهمة روتينية خالية من الحافز مما يؤدي إلى شعور بالملل وفقدان الحماس.
ففي الكثير من الأحيان ينكر دور الموظف في النجاح الذي تحققه المؤسسة ويصبح هذا التجاهل مصدرا رئيسيا للاحتقان داخل بيئة العمل الموظفون الذين لا يشعرون بالتقدير المالي أو المعنوي قد يبتعدون تدريجيا عن بذل جهد إضافي مما يؤثر بشكل مباشر على الإنتاجية.
كما يسهم سوء التعامل في زيادة الملل فالتعامل بتعالي مع الموظفين ليس فقط مؤذيا نفسيا بل يخلق بيئة غير صحية تؤدي إلى مشاعر اللامبالاة والملل إذا كان المسؤولون يتحدثون مع موظفيهم بتعالي أو بدون احترام لآرائهم فإن ذلك يزرع شعورا بالاحباط وفقدان الثقة الموظفون يريدون أن يشعروا بأنهم جزء من الفريق وأن آراءهم ووجهات نظرهم تقدر لكن عندما يجدون أنفسهم محاطين بالمعاملة القاسية أو التقليل من شأنهم، يتحول العمل إلى مجرد عبء ثقيل ويغيب الحافز لديهم هذه البيئة السلبية قد تؤدي إلى خلق مشاعر من الغضب المكبوت حيث يبتعد الموظفون عن بذل الجهد الإبداعي أو المشاركة الفعالة في العمل هذا يساهم في تراكم الملل تدريجيا ويقلل من انخراط الموظف في مهامه.
كما ان غياب التقدير المالي لا يقل أهمية عن التقدير المعنوي بل قد يكون أكثر تأثيرا في بعض الأحيان في المؤسسات التي لا تقدم حوافز مالية مناسبة أو فرصا للتطور الوظيفي يشعر الموظفون بعدم القيمة المال ليس فقط وسيلة للعيش بل هو أيضًا مؤشر على قيمة الموظف داخل مؤسسته.
عندما يظل الموظفون في نفس الوظيفة لفترات طويلة دون ترقيات أو زيادات مالية معقولة تبدأ مشاعر الملل في السيطرة عليهم هذا يعكس إدارة غير مدروسة حيث أن مكافأة الموظفين على جهودهم تعتبر جزءا أساسيا من الحفاظ على دافعهم وحماستهم وعندما لا يجد الموظف التقدير المالي المناسب يصبح العمل عبئا ثقيلا يؤدي إلى الشعور بالملل والإحباط.
كما ان سوء التخطيط وإدارة المخاطر لا يمكننا إغفال حقيقة أن سوء التخطيط والإدارة يساهمان بشكل كبير في زيادة الملل بين الموظفين عندما يفتقر المسؤولون إلى المعرفة الكافية في إدارة المخاطر أو التخطيط السليم للمهام، يتحول العمل إلى بيئة مليئة بالضغوط غير المدروسة والمهام العشوائية يشعرون بأنهم غير قادرين على إنجاز مهامهم بفعالية هذا يسبب تدهورا في معنوياتهم ويزيد من شعورهم بالملل.
التخطيط السليم لا يقتصر فقط على تنظيم المهام بل يتطلب أيضا النظر في المخاطر المستقبلية والتأكد من أن الجميع مستعد لمواجهتها عندما يفتقر المسؤولون لهذا النوع من التخطيط يترك الموظفون في مواجهة تحديات غير متوقعة قد تؤثر على أدائهم وتزيد من شعورهم بالملل نتيجة القلق المستمر والتخبط.
ونختم هنا بقولنا أن المسؤولية الكبرى في هذه القضية تقع على عاتق الإدارة العليا المسؤولون الذين يفتقرون إلى الرؤية الواضحة أو لا يمتلكون مهارات التخطيط والتخطيط الإستراتيجي يعرضون موظفيهم لأوضاع صعبة تؤدي إلى الملل والإحباط في المؤسسات التي تدار بشكل غير مدروس يمكن أن يختفي الحافز ويشعر الموظفون بأنهم مجرد أرقام في حسابات الشركة
لذلك، من الضروري أن يتخذ القادة في المؤسسات خطوات حقيقية لتحسين بيئة العمل من خلال التقدير الفعال للموظفين سواء من خلال التقدير المعنوي أو المالي وتحسين أساليب التواصل والتعامل معهم كما يجب عليهم تطوير خطط استراتيجية للتخطيط وإدارة المخاطر لضمان استقرار العمل ورفع كفاءة الأداء.
كما لا يمكن تجاهل العلاقة الوثيقة بين التقدير والإدارة الجيدة وبين ملل الموظفين كلما كانت بيئة العمل مليئة بالتقدير والاحترام وكلما كان هناك تخطيط سليم لإدارة المهام والمخاطر كلما اختفى الملل وأصبح الموظفون أكثر انخراطا وحماسا في العمل المؤسسة التي تهتم بجودة التفاعل مع موظفيها وتحترم جهودهم تضمن بيئة عمل صحية وأكثر إنتاجية.
كاتب المقال: محمد خليفة… مستشار التطوير المؤسسي وإدارة المخاطر.























































