كتب د / حسن اللبان
في ظل تقارير متزايدة عن مساع أمريكية لدفع المملكة العربية السعودية نحو تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، برزت شروط سعودية صارمة.


وتشمل الشروط: اعترافا بدولة فلسطينية، وتسليحا بمقاتلات F-35، وضمانات أمنية ونووية. لكن هذه الشروط، وفق تقرير لصحيفة “معاريف” الإسرائيلية، لاقت رفضا قاطعا من أوساط إسرائيلية رفيعة، وصفتها بأنها “محاولة ابتزاز” لا تتماشى مع الواقع الأمني أو التاريخي للعلاقات الثنائية.
وأثار الدكتور إيدي كوهين، المستشرق الإسرائيلي وخبير الشؤون العربية في تل أبيب، جدلًا واسعًا بعد نشره مقطع فيديو مباشرا، بعنوان “رسالة إلى حكومة السعودية”، وجّه فيه انتقادات لاذعة لسياسة الرياض، رافضًا قطعيًّا ربط التطبيع بشروط سياسية أو عسكرية.
وقال كوهين بلهجة حازمة لا تقبل التأويل: “أسمع أن هناك شروطًا للتطبيع: تريدون مقاتلات F-35؟ تريدون دولة فلسطينية؟ تريدون اتفاقًا نوويا… حسنا، إذا كنتم تريدون سلامًا دون شروط — فمرحبا بكم. أما شروطكم، فاحتفظوا بها لأنفسكم، وضعوها في الخليج مع القطريين أو الكويتيين!”
وأضاف: “من يريد السلام معنا، فنحن لا نسمح له أن يفرض شروطه علينا. تريدون تطبيعا؟ أهلا وسهلا. لا تريدون؟ فـ‘الله يكون معكم‘”.
ولم يكتف كوهين بالرد على الملفات السياسية، بل استحضر ذكريات مؤلمة من الذاكرة الجماعية الإسرائيلية، مؤكدا: “نحن لم ننس أنه فوق منارات الصلاة في مكة، يوم الجمعة، ترفع أدعية ضد اليهود. هذا لم ننسه… نحن لا ننسى أي شيء من هذا النوع. افهموا ذلك جيدًا”.
وأشار إلى أن هذا التاريخ لا يمحى باتفاقات أو تصريحات، مشيرا إلى أن “الثقة لا تبنى على وعود، بل على احترام تاريخي مشترك — وهو ما غائب تمامًا حتى الآن”.
وأكد كوهين أن إسرائيل لم تكن بحاجة للتطبيع مع السعودية لتزدهر، وأنها عاشت 80 عامًا دونه، وها هي اليوم “أقوى من أي وقت مضى”: “إسرائيل عاشت 80 عامًا دون تطبيع معكم، وصدقوني، إسرائيل اليوم فوق كل موجة… نحن لسنا بحاجة إليكم لتزدهر دولتنا.”
وانتقد بقوة نهج الرياض، مقارنا إياه بسلوك مصر: “أنتم تحاولون ابتزاز الأمريكيين كما يفعل المصريون، وتحاولون ابتزازنا أيضًا — من أجل مصالحكم الشخصية. كل من يريد شيئًا، يضع شروطه!”.
وأكد كوهين أن إسرائيل لن تسمح لأي طرف — مهما كانت قوته أو نفوذه — بأن “يملي عليها شروطه”، مشيرًا إلى أن “السلام لا يشترى بثمن باهظ أو بتهديدات مبطّنة”.
وأشار إلى أن الموقف السعودي لا يعكس رغبة حقيقية في السلام، بل “استراتيجية اقتصادية وسياسية تهدف إلى استغلال الضعف الإسرائيلي المتصوَّر”.
وأشارت “معاريف” إلى أن كوهين، المعروف بتحليلاته العميقة والواقعية للشؤون العربية، يعد من أبرز الأصوات التي تدعو إلى “تعامل حازم وواقعي” مع محاولات بعض العواصم العربية ربط التطبيع بملفات خارجية — كفلسطين، أو التسليح، أو الضمانات النووية — وهي مطالب لا ترتبط بالعلاقات الثنائية، ولا تُبنى على أساس الثقة أو المصلحة المشتركة، بل على “الضغط والابتزاز”.
يأتي هذا التصريح في وقت تسعى فيه واشنطن لدفع السعودية نحو التطبيع، في محاولة لبناء تحالف إقليمي جديد يواجه التهديدات الإيرانية. لكن كوهين يحذر من أن “التطبيع الذي يبنى على شروط لا يسمى تطبيعًا، بل اتفاقًا مكرهًا — وهو لا ينتج سلامًا، بل توترًا مقنّعًا”.























































