عاجل

ترامب يدعو قادة عرب ودوليين لقمة في مصر
قطاع البنوك يستحوذ على 4.4% من إجمالي قيمة تداولات القطاعات بالبورصة خلال أسبوع
بروتوكول تعاون بينبنك ABC و مؤسسة راعي مصر للتنمية
البنك المركزي: التضخم الأساسي في مصر يسجل 11.3% بنهاية سبتمبر 2025
وليد صلاح الدين: اخترنا ياس سوروب عن قناعة
هالاند يحصد جائزة لاعب الشهر في الدوري الإنجليزي
مقتل رجل اعمال داخل سيارته بطنطا.. والامن يضبط الجاني
الأمم المتحدة: نثمن دعوة الرئيس السيسي للرئيس ترامب
المان يونايتد ينافس ليفربول على أنطوان سيمينيو لاعب بورنموث
تركيا: الرجوع إلى أجواء الإبادة في غزة سيكون له عواقب جسيمة
والله.. وعملوها الرجالة.
الاتحاد الأوروبي: هذه أفضل فرصة لدينا لتحقيق السلام
الأردن: جاهزون لإرسال 3 آلاف شاحنة مساعدات أسبوعيًا إلى غزة لوقف المجاعة
الخارجية الإسرائيلية: ملتزمون بخطة ترامب
المنوفية: النزول بدرجات القبول بمدارس ثانوية بالتعليم الخاص والفني

# لأنها تجرَّأت ورفَضت..؛ قانون “بيت الطاعة”

بقلم الأستاذة الدكتورة / أماني فؤاد

ينهض هذا المقال حول فلسفة بقاء قانون مَعيب في حقِّ المرأة والمجتمع ‏المصري؛ قانون “بيت الطاعة”.‏
أفهم أن فلسفة القوانين تقوم على توفير آلية لحل النزاعات بشكل عادل، ‏وأبدًا لم يكن القانون أداة لتهديد طرف، أو إرغامه على عيش حياة لا ‏يرتضيها. في قانون “بيت الطاعة” إن لم تقبَل المرأة العيش في بيت ‏الزوجية وتطيع؛ تقع عليها عقوبات قاسية، وتصبح ناشزًا، وذلك لإجبارها ‏على القبول بأوضاع مُهينة، تكون مكرَهة عليها.‏
وأتساءل: هل يتعيَّن على المرأة أن تظَل تدفع أثمان إقصائها اجتماعيًّا ‏وثقافيًّا، ضمن فترات زمنية طويلة أبوية السيطرة، وذكورية المنزَع والحقوق، ‏هذا الانتقاص الحقوقي ليس لعجز ذاتي خاص في قُدراتها على الحفاظ ‏على كيان كامل الحقوق والإرادة؛ بل بفرْض السيادة والرغبة في السيطرة ‏من الرجل.‏
كنت قد سعدت منذ فترة؛ حين قرأتُ أن قانون بيت الطاعة قد أُلغِي؛ لكنني ‏اكتشفت أن طريقة تنفيذه فقط هي التي تم تعديلها، وفيه يمكن للمرأة أن ‏تعترض خلال 30 يومًا من صدور الحُكم. ‏
بموجَب هذا القانون، على المرأةَ أن تعيش وكفَى، في مساحة الحد الأدنى ‏من الحياة، كفى أن يتم السماح لها بالعَيش، كأن قُوى المجتمع المتحكِّمة ‏تستنكر: هل يفكر هذا الكائن أن يكون له إرادة!؟ هل يفكر أن له كرامةً ‏وحقوقًا، وأن على المجتمع والقانون أن يحافظ عليهما؟ وفي حالة إذا أرادت ‏المرأة واختارت ألا تعيش في وسَط كَارِهٍ، مُجبَرة على الحياة مع زوج لم يَعُد ‏بينهما وفاق؛ فعليها أن تدفع ثمن اختيارها وإعلائها لكرامتها؛ فتتنازل عن ‏كل حقوقها، إثمها الكبير أنها رفَضَت رجُلًا ما، فمنذ متى ولها حق ‏الاختيار!؟
يتجسد جزء كبير من المشكلة في عدم الاستطاعة، بمعنى أن بعض النساء ‏يستطِعن الاعتماد على أنفسهن في حالة الطلاق، والإنفاق على حياتهن، ‏لأنه في قانون بيت الطاعة، إذا لم تستجِب المرأة للرجوع إلى بيت الزوجية، ‏واختارت الطلاق؛ عليها أن تتنازل عن حقوقها كافة. المؤسِف، ونقطة ‏الضعف المؤلِمة، أن الكثيراتِ منهن، في مجتمعاتنا، لا يستطعن الإنفاق ‏على أنفسهن، ولا إيجاد مسْكن منفرِد؛ ولذا يرضَخْن لِمَا يسمَّى “بيت ‏الطاعة”، ويعِشن منتهَكاتٍ وكارهاتٍ لهذه الحياة التي تُفرَض عليهن فرْضًا؛ ‏بل يتعمد الطرف الآخَر في هذه الحالة أن يلقي بالزوجة في مسْكن لا ‏يتضمن إلا الحدود الدنيا من التجهيز؛ ليكدِّرها وينتقص منها؛ لأنها تجرَّأت ‏ورفَضت.‏
لماذا يفترض المجتمع، ومثله المشرِّع، أن المرأة لا تعرف ماذا تريد، ولا ‏تقدِّر ما يناسبها، لماذا يفرضون عليها الوصاية الدائمة، تحت ادِّعاء أنها ‏لا تعرف مصلحتها، كل الخطابات -التي يروِّجونها عن المرأة وانفعاليتها، ‏وأن عواطفها هي التي تحركها– خطابات خبيثة موجهة من أجل السيطرة.‏


ويُعتبَر قانون بيت الطاعة أحدَ حلقات أوْجُه قهْر المرأة، والانتقاص من ‏إنسانيتها. بل أكثر القوانين إثارةً للجَدَل والنقد في العصر الحديث؛ حيث ‏يستند إلى فهْمٍ تقليدي لمفهوم “الطاعة الزوجية”، وفيه يحِق للزوج رفْع ‏دعوى قضائية، يطالِب فيها زوجته بالعودة إلى مسْكن الزوجية إذا غادرته ‏دون مبرِّر شرعي أو قانوني مقبول.‏
فبدلاً من تنظيم العلاقة الزوجية، القائمة على المودَّة والتفاهُم، يُستخدَم هذا ‏القانون كأداة قانونية لإخضاع المرأة، ونفْي إرادتها. ويتجلَّى ذلك في عِدة ‏أوْجُه:‏
‏- يفرض القانون على الزوجة الإقامةَ في مسْكن الزوجية بشكل مطلَق، ‏ويجعل خروجَها منه دون إذن الزوج أو سبب شرعي مقبول دليلاً على ‏‏”نشوزها” (عصيانها). هذه البنود تحدُّ بشكل جذري من حرية المرأة في ‏اتخاذ قراراتها الخاصة فيما يتعلَّق بمكان إقامتها.‏
‏- كما أن الهدف الأكبر من دعوى بيت الطاعة، ليس بالضرورة إعادة ‏الزوجة جسديًّا؛ بل هو إسقاط حقِّها في النفقة إذا صدَر حُكْم قضائي يفيد ‏بنشوزها. يُستخدَم هذا التهديدُ كسَيف مسلَّط، يدفَع المرأة للقبول بأوضاع ‏زوجية مُسيئة، خوفًا من فقدان مصدر دخْلها وحقوقها المالية.‏


‏- في حال صدور حُكم بالطاعة، تضطر المرأة للعودة، حتى لو كان ‏السبب الحقيقي لتركها المنزل هو الإساءة النفسية أو الإهمال، أو حتى ‏العنف غير المثبَت قضائيًّا. وبذلك، يتحول القانون إلى غطاء شرعي ‏لفرْض الإقامة الجبرية، وإخضاع المرأة لإرادة الزوج.‏
إن قانون بيت الطاعة يتعارَض بشكل صارخ مع وضْع المرأة وحقوقها، ‏التي كفَلَتها المواثيقُ الدولية والدساتير الحديثة حتى 2025، وذلك للأسباب ‏التالية:‏
‏- تفترض التشريعات الحديثة أن المرأة والرجُل شريكان متساويان في ‏الحقوق والواجبات. يعيد قانون الطاعة المرأةَ إلى وضعية التابع أو ‏القاصر، الذي تُفرض عليه الإقامة بقرار من طرف واحد، مما يتناقض مع ‏وضْعها كمواطِنة كاملة الأهلية.‏
‏- يُقِر عِلم النفس الحديث بالعنف الخفي، الذي يشمل الإساءة النفسية ‏والعاطفية والإهمال. فالعنف ليس المادي فقط؛ بل المعنوي الذي قد لا ‏تملك المرأة أدلة قانونية كافية لإثباته، فهناك أوْجُه من “الضرر” تنضم ‏للضرر الشرعي الظاهر، وتكون ظروف حياة المرأة غير محتمَلة، مضطرة ‏للحياة في بيئة سامة.‏
‏- تعمل معظم النساء، ويُسهمن في دخْل الأُسرة، في ظِل الظروف ‏الاقتصادية الراهنة. فيعيق فرْض الإقامة عملها واستقلالها المهني.‏
وفي حالة إسقاط النفقة، كعقوبة على “النشوز”؛ يصبح الوضعُ مُجحِفًا، ‏خصوصًا إذا كانت المرأة هي المعيل الأساسي، أو شريكُ المسؤولية ‏المالية. ‏
كما أن الكثير من الدول قد ألغت، أو جمَّدت العمل بقانون “بيت الطاعة”، ‏واستبدلت به قوانينَ أكثر توازنًا، تركِّز على واجب الإنفاق والتعويض ‏المادي في حالة الطلاق، بدلاً من إجبار المرأة على العودة الجسدية.‏
إن التشريعاتِ التي لا تليق بالمرأة هي التي تعتمد على مفاهيم أبوية، عَفَا ‏عليها الزمن، وتفترض تفاوتًا أصيلاً في الكرامة والحقوق بين الزوجين.‏
فلا يليق ربْط حقِّ المرأة في النفقة أو المأوى بـ “طاعتها” الزوجية، بدلاً من ‏ربْطه بمسؤولية الزوج تجاه أُسرته، وواجبه القانوني في الإنفاق.‏
كما أن القوانين – التي تركِّز على “طاعة الزوجة” – تغفل غالبًا مصلحة ‏الأطفال، الذين يتضرَّرون من النزاعات القَسْرية أو العيش في بيئة غير ‏صحية.‏
أفهم أن تؤسَّس العلاقة الزوجية على أنها شراكة مبنية على الاحترام ‏المتبادَل والمودَّة والرحمة، وليس على أساس الإخضاع والتبعية، كما أنها ‏من المفترض أن تؤمِّن للطرفين حقَّ اللجوء إلى القضاء لطلب الطلاق، أو ‏الخُلع، مع حِفظ كافة الحقوق. مع الأخذ في الاعتبار تقسيم المسؤوليات ‏والعِبء المالي للأُسرة.‏
كما مِن شأن التشريعات أن توفِّر الحماية الكاملة للمرأة من جميع أشكال ‏العنف والضرر، وتجعل خروجها من المنزل – بسبب أيِّ ضرَر – مبرَّرًا ‏شرعيًّا وقانونيًّا، لا يُسقِط حقوقها؛ حيث أننا طيلة الحياة لم نَرَ الرجال ‏الملائكة المنزَلين على الأرض!!‏
كما أن تعديلَه أو إلغاءه خطوةٌ ضرورية نحو تشريعات تعكس مكانة المرأة ‏الحقيقية في المجتمع الحديث، ولذا أرجو إعادة مناقشة قوانين حقوق المرأة ‏والأحوال الشخصية بتمثيل النساء من القاضيات، والنسويات، بنِسَب لا ‏تقِلُّ عن نِصْف الأصوات التي تشرع، واختياري للنسويات يعود إلى حداثة ‏وَعْيهن؛ حيث يظَل الكثير من النساء، حتى لحظتنا الراهنة، يفكِّرن ويشعُرن ‏بطريقة شكَّلها المجتمع الذكوري، وسيطرته على الوعي الجمعي العام.‏

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net