بقلم دكتورة / أميرة النبراوي
لم تكن “ليلى” امرأة عادية…
كانت تمشي في الحياة كما يُعزَف لحن هادئ على آلة قديمة تُجيد الحنين.
بسيطة، صادقة، تزرع الابتسامة في وجه كل من مرّ بقلبها، وتغادر بصمتٍ أنيق إن أحست أن البقاء يُرهقها أو يُثقل روح الآخر.
كانت تؤمن أن البعد لا يجب أن يكون مؤلمًا، وأن الاحترام يمكن أن يكون آخر كلمة تُقال حتى في لحظات الانكسار.
أحبت مرة بكل صدق. أعطت دون أن تنتظر، وهبت دون قيد. لكنه اختار الرحيل… ومضى.
لم تبكِ أمامه، لم تلُم، لم تُعاتب.
فقط ابتسمت تلك الابتسامة التي تُشبه السلام، وقالت:
“إن كنت تبحث عن حياة لا أكون فيها،
فاذهب… وسأظل أدعو لك بنور الطريق.”
ومنذ ذلك اليوم، اعتادت تستقبل الفجر كل صباح.
تصعد التلّ المطل على المدينة، تحمل فنجان قهوتها، وتغلق عينيها لتسمع صوت الحياة، كأنها سيمفونية لا تنتهي.
في داخلها، ظلّ الحنين ساكنًا، لكنه لم يُلغِ الأمل.
وذات صباحٍ بارد، وقفت كعادتها،
فسمعت صوتًا خلفها يقول:
“ما زلتِ تُحبين الفجر كما كنتِ دائمًا؟”
التفتت بدهشة…
كان “آدم”، ذاك الذي أحبّها بصمت، ولم يقترب حين لم يكن له مكان في قلبها.
قال بهدوء:
“كنت أراكِ كل صباح، وأخاف أن أقطع صلاتكِ بالفجر.
لكني كنت أرجو… أن يأتي يوم تلتفتين فيه نحوي.”
سكنت ملامحها لحظة، تأملته، شعرت بشيء يشبه الدفء المتأخر.
ثم ابتسمت، وقالت:
“ربما كان عليّ أن أنتظر حتى يبتسم الفجر…
لأعرف أن بعض البدايات لا تأتي إلا بعد أجمل النهايات.”
اقترب منها، أمسك يدها،
وفي صمتٍ خجولٍ، بدأ الحُب يُعزَف أخيرًا…
كأن الحياة قرّرت أن تُنهي مقطوعة الألم، وتبدأ عزفًا جديدًا بعنوان:
“نحن”.