كتب د / حسن اللبان

ووفقا لوكالة الأنباء السعودية، تهدف “اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك” بين البلدين إلى تطوير جوانب التعاون الدفاعي وتعزيز الردع المشترك ضد أي اعتداء، وتنص الاتفاقية على أن “أي اعتداء على أي من البلدين هو اعتداء على كليهما”، وسط تأكيدات على أن الاتفاقية “تشمل جميع الوسائل العسكرية”.

ووصف أستاذ القانون الدولي في مصر، الدكتور أيمن سلامة، الاتفاقية السعودية الباكستانية بأنها بمثابة “درع نووي في وجه التوترات الإقليمية”.
وأكد أستاذ القانون الدولي، في تصريحات لـRT، أن الاتفاقية تمثل “تحولا استراتيجيا عميقا في موازين القوى بالشرق الأوسط، وذلك في ظل التوترات المتصاعدة والتوسع العسكري الإسرائيلي”، مؤكدا أنها “خطوة مفصلية لردع أي عدوان محتمل”، معززةً بذلك الأمن الإقليمي لكلا البلدين.
ويرى سلامة أن هذه الشراكة ليست وليدة اللحظة، بل ترتكز على تاريخ طويل من التعاون العسكري، حيث قدّمت القوات المسلحة الباكستانية دعما دفاعيا للسعودية منذ استقلال باكستان، ما يعكس عمق الثقة المتبادلة.
وأوضح الخبير المصري أن القوة الحقيقية لهذه الاتفاقية تكمن في الرادع النووي الباكستاني، مشيرا إلى أنه في منطقة مليئة بالصراعات، تمثل القوة النووية الباكستانية حجر زاوية في هذه الشراكة، إذ توفر للسعودية مظلة حماية غير مباشرة ضد التهديدات الخارجية.
وقال إن النص الصريح شدد على أن “أي عدوان على إحدى الدولتين يعد عدوانا عليهما كلتيهما” يبعث برسالة واضحة وقوية لأي طرف يفكر في تهديد مصالح أي منهما، وأن هذا الارتباط النووي – التقليدي يضع حدودا جديدة للمغامرات العسكرية في المنطقة.
من جهة أخرى، ذهب اللواء محمد الغباري، مدير كلية الدفاع الوطني الأسبق والخبير الاستراتيجي، إلى أن القوى البشرية الكبيرة التي تمتلكها باكستان، هي السبب الأول للجوء السعودية لإبرام اتفاقية تعاون دفاعية معها، مستبعدا وجود أية تهديدات نووية تدفع الرياض لما يسمى بـ”الردع النووي”.
وأشار إلى أن “قراءة مسرح الأحداث” في المنطقة تستبعد السلاح النووي كخيار في الصراع، لكن يبقى التلويح بهذه الورقة نوعا من إرهاب الأطراف الأخرى، معتبرا أن القدرات النووية الباكستانية ليست كبيرة بالقدر الذي يجعلها ركنا أساسيا في هذه الاتفاقية، مقابل القدرة البشرية الكبيرة التي تمتلكها باكستان وتفتقدها السعودية في المقابل.
وحول إمكانية توسيع هذا الاتفاق ليشمل دولا أخرى وبناء مظلة دفاعية عربية وإسلامية، استبعد الخبير العسكري المصري إمكانية تحقيق هذه الأفكار حاليا، قائلا إنه كانت هناك محاولات سابقة لبناء قدرات دفاعية مشتركة لكنها أجهضت في الخطوات الأخيرة.
وذكر أن الوسائل الدفاعية لا ينبغي قصرها على القدرات العسكرية فقط، بل يجب الاستعانة بالاقتصاد والسياسية، باعتبار أن “الحرب القادمة لن تكون عسكرية بل اقتصادية”، مشيرا إلى أهمية الضغوط الاقتصادية في الردع وتحقيق النتائج المطلوبة مقارنة بالقدرات العسكرية حاليا.
وأوضح أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اقترح في قمة الدوحة الأخيرة إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون، تشمل جميع المجالات لمواجهة التحديات الكبرى الأمنية والسياسية والاقتصادية. وأكد الغباري، في هذا الصدد أن “الضغوط الاقتصادية هي من تأتي بالنتيجة”.
وفي هذا الإطار ذكر أستاذ القانون الدولي أيمن سلامة أن الاتفاقية السعودية الباكستانية ليست مجرد اتفاقية دفاعية، بل هي تعبير عن رؤية مشتركة للأمن والاستقرار الإقليمي، تدمج السعودية، كقوة اقتصادية وعسكرية إقليمية، مع باكستان، كقوة عسكرية ونووية، معتبرا أن هذا المزيج يخلق توازنا جديدا، ويقلل من فرص التصعيد غير المحسوب.
وأشار إلى أنه من الناحية الجيوسياسية، تُعَد بمثابة تحالف استراتيجي يهدف إلى مواجهة التحديات المتغيرة، مؤكدا أن هذه الاتفاقية دليل على أن التحالفات الدفاعية في العصر الحديث تتجاوز الحدود التقليدية، وأنها تعكس حاجة الدول لضمان أمنها في بيئة مضطربة، وتؤكد أن الردع الاستراتيجي، سواء كان تقليديا أو نوويا، يبقى الأداة الأقوى للحفاظ على السلام.