كتب د / حسن اللبان
في تصعيد لافت، شهدت العاصمة اليابانية طوكيو مظاهرات احتجاجية يومي 12 و13 سبتمبر 2025، قادها السياسي اليميني المتطرف يوسوكي كاواي — المعروف بلقب “الجوكر”.

وجاءت احتجاجا على اتفاقية وقّعتها حكومة اليابان مع مصر لتوظيف العمالة المصرية. واعتبر كاواي أن هذه الاتفاقية تمثل “خطوة أولى نحو توطين المهاجرين”، وهو ما أثار مخاوف شريحة واسعة من الشعب الياباني.
تعود جذور الأزمة إلى اتفاقية وُقّعت في 19 أغسطس 2025 بين “مكتب الشؤون الصناعية والعمل” بحكومة طوكيو و”اللجنة الاقتصادية المصرية اليابانية (JEBC)”، بهدف التعاون في توفير المعلومات والتدريب اللازم لتأهيل العمالة المصرية للعمل في اليابان — خاصة في طوكيو. وجاء التوقيع على هامش مؤتمر “تيكاد” للتنمية في أفريقيا، وترافق مع لقاء بين حاكمة طوكيو يوريكو كويكي ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي لتعزيز التعاون الثنائي.
لماذا تثير الاتفاقية جدلاً في اليابان؟
يُرجع الخبير الاقتصادي محمد أنيس، في تصريحات لـ RT، سبب الجدل إلى طبيعة المجتمع الياباني المحافظ والمنغلق نسبيًا، والذي يبدي حساسية كبيرة تجاه وجود العمالة الأجنبية أو المهاجرين. وأوضح أن اليابان تواجه تحديًا ديموغرافيًا خطيرًا يتمثل في تناقص القوى العاملة مع تقدم السكان في السن، ما يهدد النمو الاقتصادي. ولهذا، أمامها خياران: إما الاستثمار في الخارج، أو جذب عمالة من الخارج لسد الفجوة.
لكن أنيس يؤكد أن الاتفاقية مع مصر لا تعني بأي شكل “هجرة جماعية” أو توطينًا دائمًا، كما حدث في ألمانيا عقب الأزمة السورية عام 2011. بل هي اتفاقية محدودة تهدف إلى توفير عمالة مؤقتة في قطاعات محددة — على غرار النموذج الخليجي — ولا تمثل تهديدًا ديموغرافيًا أو ثقافيًا لليابان.
يشير أنيس إلى أن بعض السياسيين اليابانيين، مثل كاواي، يستغلون هذه المخاوف الشعبية لتسويق خطاب شعبوي يخدم طموحاتهم السياسية، ويثيرون المخاوف من “الغزو الديموغرافي” لجذب الانتباه وبناء قاعدة شعبية. لكنه يطمئن بأن “الأمر غير مقلق بالنسبة لمصر”، إذ أن الاتفاقية لا تتضمن بنودًا تسمح بالهجرة الدائمة، وأن الجانب المصري يتعامل معها كفرصة اقتصادية لتشغيل الشباب في سوق واعد.