كتب د / حسن اللبان
كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية أن جهاز المخابرات العامة المصرية وجّه رسالة تحذيرية صريحة وخطيرة للغاية إلى كل من تل أبيب وواشنطن.


وجاء هذا التحذير رداً على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مركز قيادة لحركة حماس في الدوحة، والتي دفعت القاهرة إلى اتخاذ إجراءات أمنية غير مسبوقة لحماية المسؤولين الفلسطينيين المقيمين على أراضيها، بمن فيهم قادة حماس والجهاد الإسلامي الذين أُفرج عنهم في صفقات تبادل أسرى سابقة وتم نقلهم لاحقاً إلى مصر بموجب ترتيبات إقامة خاصة.
ووفقاً لمصادر فلسطينية تحدثت مع موقع الصحيفة العبرية “واي نت”، فقد عززت أجهزة المخابرات المصرية في الأيام الأخيرة من حماية كبار قادة الفصائل الفلسطينية، أبرزهم زياد النخالة، الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، إلى جانب مسؤولين من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذين نقلوا أنشطتهم القيادية مؤخراً إلى القاهرة وأصبحوا تحت الحماية المباشرة للمخابرات المصرية.
ويمثل هذا التطور تحولاً جذرياً في السياسة المصرية، من وسيط محايد نسبياً في الملف الفلسطيني إلى دولة مضيفة توفر غطاءً أمنياً وملجأً آمناً لقادة الفصائل المسلحة، وهو دور كان يُنسب سابقاً إلى دمشق وطهران.
ويُعد النخالة (72 عاماً)، المولود في خان يونس بغزة، من أبرز الشخصيات الفلسطينية تأثيراً، وقد شغل منصب الأمين العام للجهاد الإسلامي منذ عام 2018، بعد وفاة سلفه رمضان شلح. وكان قد اعتقلته إسرائيل عام 1971 وحُكم عليه بالسجن المؤبد لانتمائه لجبهة التحرير العربية، وأُطلق سراحه في صفقة تبادل أسرى عام 1985، ليُعيّن لاحقاً من قبل فتحي الشقاقي لتأسيس الجناح العسكري للحركة “سرايا القدس”.
وأُعيد اعتقاله عام 1988 لدوره في قيادة الانتفاضة الأولى، ثم رُحّل إلى لبنان حيث عزز تحالفاته مع إيران وحزب الله، ليصبح مهندساً رئيسياً للعلاقات الاستراتيجية بين طهران والفصائل الفلسطينية. وتصنفه إسرائيل اليوم كثالث أهم هدف للاغتيال بعد قادة حماس، كما أدرجته الولايات المتحدة على قائمة “الإرهابيين العالميين المصنفين بشكل خاص”، وعرضت مكافأة مالية ضخمة مقابل معلومات تؤدي إلى القبض عليه. وترسل الرعاية المصرية للنخالة وقادة فصائل آخرين رسالة مزدوجة: للأمريكيين والإسرائيليين بأن أي اعتداء على السيادة المصرية سيُقابل بردود فعل إقليمية خطيرة، وللفلسطينيين بأن مصر لم تعد مجرد وسيط بل حامية تضمن أمن قيادات “المقاومة”.
وفي سياق متصل، فرض المسؤولون القطريون إجراءات أمنية مشددة في أعقاب الضربة الإسرائيلية على الدوحة، حيث عزل قادة حماس في مجمع شديد الحراسة، ممنوعين من استخدام الهواتف أو أي وسائل اتصال مع العالم الخارجي. وعلى الرغم من أن إسرائيل لم تعلن رسمياً فشل الضربة، إلا أن هناك غموضاً حول تأثيرها على جهود الوساطة الجارية للتوصل إلى صفقة أسرى، حتى بعد لقاء رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في نيويورك.
ويرى بعض المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الأزمة قد تُستغل لنقل مركز الوساطة من قطر إلى مصر، المنافس التاريخي للدوحة على النفوذ في الشأن الفلسطيني. وقال مصدر عسكري إسرائيلي:”أحدثت ضربة الدوحة صدمة قد نتمكن من تحويلها لصالحنا، وفي غضون أسبوع سنعرف ما إذا كانت هذه الفرصة جيدة أم سيئة”.
وفي الوقت نفسه، أعرب مسؤولو وزارة الدفاع الإسرائيلية عن أملهم في أن تتضح الأمور بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو لإسرائيل. وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في تغريدة نشرها مساء الأربعاء على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، أن إسرائيل لم ولن تتراجع عن هدفها في القضاء على قيادة حماس أينما وُجدت، مضيفاً: “لا يكترثون لأمر أهل غزة، لقد عرقلوا كل محاولة لوقف إطلاق النار لإطالة أمد الحرب، وإبعادهم سيزيل العقبة الرئيسية أمام تحرير الأسرى وإنهاء الحرب”