عاجل

الفنانة كارمن لبّس تودع زياد الرحباني برسالة مؤثرة
الوباء القادم… فيروس X..
كاتس يهدد خامنئي مجددا
البرلمان العربي يدين قرارات الكنيست
محافظ الجيزة يهنئ أوائل الثانوية العامة هاتفيا
ماكرون: فرنسا ستعترف بدولة فلسطين
البنتاجون: بيع أنظمة دفاع جوي لأوكرانيا بقيمة 180 مليون دولار
حماس تحمل الإدارة الأمريكية مسئولية استمرار الإبادة والتجويع في غزة
الحكومة الفلسطينية: الوضع الإنساني الكارثي في غزة لم يعد يُحتمل
روسيا: على فرنسا أن لا تنسى قدرتنا على الردع النووي
في الأفق ملامح طوفان شعبي
وفاة خمس اشقاء في ظروف غامضة..وعدم تُسجل أي إصابات بأمراض معدية
صلاح مهدد بالغياب عن ليفربول في 8 مباريات
الأهلي يرفض عرض بورتو لضم بن رمضان
واشنطن تنفي ادعاءات سعيها لنقل الفلسطينيين من غزة إلى ليبيا

في الأفق ملامح طوفان شعبي

كتب د / حسن اللبان

تشهد الأيام الأخيرة تصاعدًا لافتًا في الحراك الشعبي الفلسطيني، تحديدًا في مناطق الـ48 والضفة الغربية، في محاولة للالتحاق بموجة التضامن العالمية المتجددة، التي استعادت أنفاسها رغم حملات القمع والملاحقة في الولايات المتحدة وأغلب الدول الأوروبية. وتشير المؤشرات إلى أن هذا الزخم مرشّح للتصاعد، مؤذنًا بتحوّلٍ إلى طوفان شعبي واسع، تُعلَّق عليه آمال عريضة في كبح جماح التوحش الصهيوني والتجويع الممنهج.

تفكك صورة إسرائيل وهيمنة الرعب

عاد شبح التجويع والإبادة إلى الواجهة مؤخرًا، في مشهد لم يعد بالإمكان إخفاؤه حتى عن أنظمة الغرب الحليفة، التي باتت تواجه حرجًا وخزيًا متزايدًا بسبب تواطؤها وصمتها. وفي ظل الضغط الشعبي العالمي، بدأت بعض هذه الدول بإصدار تصريحات ناقدة لإسرائيل، تعترف ضمنًا بعرقلتها إيصال المساعدات، وبتسريعها لوتيرة القتل.

ولعلّ اعتراف عدد من الدول الغربية بدولة فلسطين، في هذا السياق، شكّل دعمًا رمزيًا لكنه مهم، أسهم في شحن الحراك الشعبي بالمعنويات، وفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التفكير والعمل.

يقرأ المتظاهرون تحولات المشهد الإقليمي والدولي بدقة: إسرائيل باتت تستبيح أراضي “محور المقاومة” دون رادع، مدعومة بشكل مطلق من الولايات المتحدة. وعلى الرغم من الضربات المؤلمة التي تعرضت لها إيران، باعتبارها الراعي الرئيسي لهذا المحور، إلا أنها لم تُهزم، بل تستعد لجولات قادمة من المواجهة في سباق تسلح يهدد بمستقبل أكثر دموية وتدميرًا. وينخرط كل من إيران وإسرائيل في سباق تسلح متسارع تحضيرًا لما يمكن أن يستجد في هذا الصراع.

الحراك الشعبي كبديل عن الردع العسكري

في ظل التفاوت الكبير في موازين القوى، يتبلور وعي متجدد لدى كثير من نشطاء الحراك بضرورة تطوير النضال الشعبي كبديل مرحلي لفقدان أو تراجع الردع العسكري. فالغلبة العسكرية الإسرائيلية تبدو مرحلية، إذ إن مكانة إسرائيل الدولية، وحتى بين يهود العالم، باتت أكثر هشاشة من أي وقت مضى. لم تعد قادرة على تلميع صورتها، ولم تعد حملاتها الإعلامية قادرة على التغطية على فظائعها. وهناك من يرى أن إسرائيل غير مدركة أنها تتعرض حاليًا لطوفان من نوع آخر، طوفان الأضرار في سمعتها ومكانتها، أي لأضرار إستراتيجية غير قابلة للإصلاح.

وعليه، فإن الدفع نحو إستراتيجية مقاومة شعبية متواصلة، ومتشابكة عالميًا مع الحركات التقدمية، بات خيارًا واقعيًا، لا بل ضرورة تاريخية.

تجارب سابقة ودروس مستفادة

شهدنا في السنوات الأخيرة مبادرات متعددة لتطوير هذا المسار، أبرزها “مسيرات العودة” في غزّة عام 2018، والتي قوبلت بالقمع الدموي منذ لحظتها الأولى، في محاولة لوقف تفاعلاتها العميقة في الرأي العام العالمي. لكنّ إخفاق هذه التجربة في الامتداد إلى الضفة يعود جزئيًا إلى هشاشة البيئة السياسية هناك، وانعدام الرؤية النضالية لدى سلطة التنسيق الأمني التي تناهض أي حراك شعبي مستقل، عبر تعاونها الوثيق مع المستعمر.

وفي أيار/مايو 2021، كادت هبّة شعبية مدنية واسعة، اجتاحت كل فلسطين من البحر إلى النهر، أن تتحول إلى انتفاضة شاملة طويلة، لكن دخول البُعد العسكري عبر صواريخ حماس، قطع على هذا المسار المدني زخمه وإمكاناته. كانت الفرصة قائمة رغم القمع الإسرائيلي، لكنها لم تكتمل.

من هنا، تتعزز قناعة الكثيرين بأن المقاومة المدنية والشعبية – القانونية، الثقافية، والفنية – باتت الأداة الأكثر إقلاقًا لإسرائيل، ربما أكثر حتى من القوة العسكرية. فقد أقرّ محللون إسرائيليون بأن عملية السابع من أكتوبر، والحرب الحالية، زعزعت صورة “هيبة” الجيش الإسرائيلي، رغم شراسته الإجرامية، وخلّفت جراحًا في إسرائيل، نظامًا ومجتمعًا، لن تندمل على المدى القريب، أو ربما لن تندمل أبدًا.

في الخارج، تستمر المواجهة في المحاكم الدولية، وفي الثقافة والفن، وفي الميادين، وساحات الجامعات. ومع تزايد انكشاف جرائم إسرائيل، تتجدد حركات الغضب والتضامن، وتتسع تأثيراتها الإعلامية والسياسية. هذه هي ساحات المعركة المستقبلية، حيث سينقلب خرق القانون الدولي إلى عبء على منتهكيه، ونهاية لمنظومة الأبرتهايد والإبادة.

فلسطينيو الـ48 يلهمون الضفة

الجديد في هذا السياق هو ما يبدو وكأنه نقلة نوعية في الحراك بين فلسطينيي الداخل، حيث شهدت سخنين مظاهرة ضخمة، وقرّر عدد من الشخصيات القيادية، في إطار لجنة المتابعة العليا، بدء إضراب عن الطعام. ترافق هذا مع تظاهرات في بلدات فلسطينية أخرى، في الجليل والمثلث والنقب والساحل، وبدأت أصداء ذلك تتردد في الضفة الغربية، رغم القمع المزدوج الذي يرزح تحته الفلسطينيون هناك.

وقد أطلق نشطاء وشخصيات وطنية في الضفة إضرابًا عن الطعام، ليس فقط تضامنًا مع غزّة، بل لتحشيد الناس وإعادتهم إلى السياسة، وكان ذلك استجابة لقرار لجنة المتابعة العربية بإطلاق إضراب مشابه من يافا. فهل نشهد قريبًا بداية تبلور لحالة شعبية حقيقية أم أن الأمر سابق لأوانه؟

لكن ما يمكن قوله، هو أنّه لم يعد بالإمكان احتمال هذا الركود وضعف الفاعلية الفلسطينية، أمّا كيف ستتطور الأمور، فإنه مرهون بالعامل الذاتي، وبقدرة المبادرين على التفكير وتوليد مُحرّك ومُنظّم ومُؤطّر لهذا التحول الهام.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية