نادراً ما يتبادر إلى أذهاننا فيما نستهلك السكر، أثره على حياتنا الجنسية. فالسكر يمنحنا شعورًا لحظيًا بالمتعة، لكن مع الوقت، قد يحرمنا من بعض أكثر لحظات الحياة حميمية وخصوصية

في العام 2025، راجت حقن GLP-1 التي تساعد على ضبط مستويات السكر وخسارة الوزن. إذ ساهم هذا الجيل الجديد من الأدوية بتحقيق تحسّنات صحية ملموسة لدى كثيرين، مثل:

  • تنظيم سكر الدم،
  • وتقليل الوزن،
  • وحتى تحسّن في نوعية الحياة الجنسية، نتيجة لتحسّن النوم أيضًا.

لست هنا للتقليل من أهمية هذه الأدوية أو الإيحاء بأن استخدامها غير مبرّر (رغم أن ذلك قد ينطبق على بعض الحالات). ما أطمح إليه إثارة نقاش أوسع قوامه: ماذا لو بدأنا ننظر بجدية إلى جذور المشكلة؟ أي إلى ولعنا المفرط بالسكر، وما يترتب عليه من آثار سلبية تطال:

  •  المزاج،
  • والتمثيل الغذائي،
  • والحياة الجنسية،
  • وغيرها من جوانب الصحة.

 مستوى السكر في الدم

يربط معظم الناس السكر في الدم بمرض السكري، لكنّ القليل منهم يعرف ما يُعتبر “طبيعيًا” حقيقة. يمكن فحص مستويات السكر في الدم بالوقت الفعلي من خلال وخزة بسيطة في الإصبع بواسطة جهاز مراقبة السكر المنزلي، أو من خلال أجهزة قابلة للارتداء مثل أجهزة المراقبة المستمرة للغلوكوز التي توفر معلومات مستمرة عن مستويات السكر على مدار اليوم.

أما نطاقات المراجع المعتمدة من الجمعية الأمريكية للسكري لمستويات السكر في الدم، فهي:

سكر الدم الصائم (أي بعد الامتناع عن الطعام لمدة لا تقل عن 8 ساعات):

  • الطبيعي: أقل من 100 ملغرام/ ديسيلتر
  • ما قبل السكري: بين 100 و125 ملغرام/ ديسيلتر
  • السكري: 126 ملغرام/ديسيلتر وما فوق

سكر الدم العشوائي (يُقاس في أي وقت من اليوم):

  • غالبًا ما يُشخّص السكري إذا كانت القراءة 200 ملغرامم/ ديسيلتر وما فوق مع وجود أعراض.

رغم أن فحص سكر الدم اللحظي يقدّم لمحة فورية، إلا أن هناك اختبارًا مخبريًا يعطي صورة أشمل، وهو اختبار الهيموغلوبين A1c.

ما هو اختبار الهيموغلوبين A1c؟ ولماذا هو مهم؟

هو اختبار دم يقيس نسبة بروتين الهيموغلوبين المرتبط بجزيئات الغلوكوز في دمك، ما يوفّر لك وللطبيب المعالج تصورًا عن متوسط مستوى السكر في الدم خلال الشهرين إلى الثلاثة أشهر الماضية. ولذلك، يُعد هذا الفحص مؤشرًا موثوقًا لقدرة الجسم على تنظيم السكر على المدى الطويل.

وتُصنّف الجمعية الأمريكية للسكري نتائج فحص A1c كالتالي:

  • الطبيعي: ما دون 5.7٪
  • مرحلة ما قبل السكري: من 5.7٪ إلى 6.4٪
  • السكري: 6.5٪ وما فوق

في عملي كجرّاح، يُعد فحص A1c قبل أي إجراء جراحي، لا سيما العمليات التي تتضمن زرع أدوات أو مواد داخل الجسم، من الممارسات الروتينية. فارتفاع مستويات A1c يرتبط بشكل وثيق بضعف التعافي، وزيادة خطر الإصابة بالعدوى، ومضاعفات جراحية أخرى. لذا، سواء كانت الجراحة في المسالك البولية أو أي مجال آخر، فإن ضبط مستويات السكر في الدم أهم مما يدركه كثيرون.

 ارتفاع السكر في الدم وحياتك الجنسية

نادراً ما يُربط السكر في الدم بالصحة الجنسية، لكن ارتفاع الغلوكوز المزمن قد يؤثر بشكل مباشر على قدرة التواصل الحميم، لدى الرجال والنساء على حدّ سواء.

لدى الرجال

ارتفاع مستويات السكر في الدم قد يؤدي إلى تلف الأعصاب والأوعية الدموية الضرورية لتحقيق الانتصاب والحفاظ عليه. وبمرور الوقت، قد تظهر مشكلة ضعف الانتصاب حتى قبل تشخيص الرجل بالسكري، أو حتى الاشتباه بوجود خطر الإصابة به.

كما أنّ ارتفاع مستوى السكر في الدم قد يتسبب أيضًا بانخفاض مستويات التيستوستيرون، ما يُضعف الرغبة الجنسية ويقلّل من الطاقة.

العديد من مرضاي، الذين لا يخضعون لفحوص دورية لدى أطبائهم العامين، يزورون عيادتي بسبب تغيّرات في الأداء الجنسي، ليتبيّن لاحقًا أن مستويات السكر لديهم مرتفعة. وهذا الأمر سبق العلامات الأولى المبكرة الأكثر شيوعاً للسكري ألا وهي:

  • العطش،
  • أو تغيّر الوزن،
  • أو الإرهاق.

لدى النساء

يمكن أن يؤدي ارتفاع السكر في الدم إلى ضعف تدفّق الدم، واضطرابات هرمونية، ما قد يتسبّب بجفاف المهبل، وآلام أثناء الجماع، أو صعوبة بالوصول إلى النشوة الجنسية.

كما يُمكن أن يزيد من خطر التهابات المسالك البولية المتكررة، التي قد تجعل العلاقة الحميمة مؤلمة أو غير مرغوب بها.

كثير من النساء يشعرن بالإحباط والحيرة عند مواجهة هذه التغيرات، ويتساءلن ما إذا كانت ناتجة عن الشيخوخة، أو انقطاع الطمث، أو الضغوط النفسية، أو غير ذلك. نادرًا ما يعتقدن أن ارتفاع سكر الدم هو السبب ربما.

كيف يُعالَج ارتفاع السكر في الدم؟

يُعد السكري من الأمراض الشائعة جدًا، ويعاني نحو 38 مليون أمريكي منه، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC)، ويُقدَّر أن واحدًا من كل أربعة أشخاص لا يعلم أنه مصاب به.

تقليديًا، يبدأ علاج السكري بالأدوية الفموية مثل الميتفورمين، الذي يساعد على خفض مستويات الغلوكوز من خلال تقليل إنتاج السكر في الكبد.

وهناك فئات دوائية أخرى تعمل بآليات مختلفة، مثل تعزيز إفراز الإنسولين، أو مساعدة الكلى على التخلص من السكر الزائد. وغالبًا ما توصف هذه الأدوية للأشخاص في المراحل المبكرة من السكري، أو ممّن لديهم ارتفاع طفيف في مستويات A1c.

عندما لا تكفي الأدوية الفموية لضبط المرض، قد تكون هناك حاجة إلى أدوية قابلة للحقن. ولسنوات، كان ذلك يعني غالبًا حقن الإنسولين اليومية التي اكتُشف أنها فعالة لكن مُرهقة للعديد من المرضى. فالإنسولين يتطلّب توقيتًا دقيقًا مع الوجبات، كما أن تحديد الجرعة قد يكون معقدًا. وهناك خوف شائع من نوبات هبوط السكر في الدم، ما يجعل بعض المرضى يتردّدون في البدء بالعلاج أو الاستمرار به.

أدوية GLP-1: نقلة في العلاج

في السنوات الأخيرة، أصبحت أدوية ناهضات مستقبل GLP-1 جزءًا من أنظمة علاج الكثير من المرضى. ومن أشهر أسمائها: سيماغلوتايد (semaglutide)، ليراغلوتايد (liraglutide)، وتيرزيباتايد (tirzepatide). تُحاكي هذه الحقن هرمونًا طبيعيًا في الجسم يساعد على تنظيم مستويات السكر في الدم، ويُبطّئ عملية الهضم، ويعزّز الشعور بالشبع بشكل أسرع.

رغم أن هذه الأدوية صُمّمت في الأصل لعلاج السكري من النوع الثاني، فقد اكتسبت شهرة عالمية لقدرتها على المساعدة على إنقاص الوزن. بل إن العديد من المرضى باتوا يطلبون هذه الأدوية، بل ويحصلون عليها، قبل أي خيار آخر، ليس فقط لضبط السكر، بل أيضًا لأغراض خفض الوزن.

وتشير أبحاث أولية عُرضت هذا الأسبوع في المؤتمر السنوي لـجمعية الغدد الصماء الأمريكية إلى أن هذه الأدوية قد تساعد أيضًا في تعديل مستويات التستوستيرون لدى الرجال المصابين بالسمنة أو السكري من النوع الثاني.

 هرمون التستوستيرون

تابع الباحثون حالة 110 رجال وُصفت لهم حقن GLP-1، من دون أن يتلقوا أي علاج هرموني بالتستوستيرون. وعلى مدار 18 شهرًا، ومع خسارة المشاركين نحو 10% من وزنهم، ارتفعت نسبة الرجال الذين يمتلكون مستويات طبيعية من التستوستيرون من 53% إلى 77%. يُظهر هذا التحسّن كيف أن الأدوية المصممة أساسًا لعلاج السكري وإنقاص الوزن قد تُسهم أيضًا في تحسين التوازن الهرموني لدى الرجال.

ورغم أن هذا البحث لا يزال في طور الملخص العلمي ولم يخضع بعد لمراجعة علمية محكمة، إلا أنه يُضاف إلى مجموعة متزايدة من الأدلة التي تشير إلى أن التحكّم في الوزن وسكر الدم قد يكون له تأثير إيجابي واسع النطاق يشمل التستوستيرون، ومستويات الطاقة، والوظيفة الجنسية.

جرّب الخيار الأصعب أولًا

قبل اللجوء مباشرة إلى الأدوية، لا تقلّل من شأن تأثير التغيرات المستمرة في نمط الحياة، ليس فقط على سكر الدم، بل على حياتك كلها.

  • ممارسة الرياضة بانتظام تعزز من حساسية الجسم للأنسولين، وتُسهم في خسارة الوزن، وتحسّن مستويات الطاقة، بل وتدعم الوظيفة الجنسية من خلال تحسين تدفق الدم وتوازن الهرمونات.
  • النظام الغذائي المتوازن، الغني بالأطعمة الطبيعية، الألياف، والبروتينات الخالية من الدهون، يساعد على استقرار مستويات السكر وتقليل الالتهابات التي ترتبط بالأمراض المزمنة.
  • كما أن النوم الجيد، وتقليل استهلاك الكحول، وإدارة التوتر، تلعب أدوارًا محورية في تعزيز الصحة العامة.