بقلم دكتور / عمار علي حسن
يروج الذباب الإلكتروني للسلطة فيديو مبهجًا عن مهندسين مصريين شباب سارعوا إلى سنترال رمسيس للمساعدة في إصلاح ما أفسده الحريق الغريب الرهيب.
أسعدني هذا الفيديو بالطبع، لكنه مشهد يدين من يروجونه بغية التعمية على غضب وتساؤل وحيرة اشتعلت في نفوس الناس عن الحريق.
وهنا تذكرت صوتي وغيري الذي صرخ حتى صار مبحوحًا أو مجروحًا عن “التعليم” وكيف قلنا منذ مشروع تفريعة قناة السويس: وجهوا هذه الأموال إلى التعليم، فلا تنمية ولا مستقبل بدونه. لكننا فوجئنا بخوفهم من تعليم يصنع وعيًا، فيفتح الباب إلى مطالب، وربما احتجاج، فالمطلوب أن يصبح الناس قطيعًا من الجهلة الغافلين الصامتين، حتى لو تأخرت مصر قرونًا، فالمهم الاستمرار في السلطة.
واليوم تصر السلطة على تعليم القلة، وتجهيل الأغلبية، لاسيما بعد القانون الجديد الذي سيجعل الفقراء غير قادرين على تعليم أولادهم تدريجيا، لتضيع سدى كل الجهود التي بذلها رفاعة الطهطاوي، وعلي مبارك، وعبد الله فكري، ونجيب الهلالي، وطه حسين، وجمال عبد الناصر، ونقف عند ما أراده الخديو عباس الأول، الذي رفض تعليم المصريين، وخصص الميزانية الضئيلة لتعليم الأتراك فقط.
هؤلاء المهندسون الذين سارعوا إلى رمسيس من خريجي كليات الهندسة الحكومية على الأرجح، وكانوا متفوقين، وغدا سيحل محلهم البلداء القادرون ماليا، بعد أن صار بوسع الحاصل على 55% الالتحاق بالهندسة، وسيحظى بالاهتمام والرعاية لأنه يتعلم بمال أبيه.
في ركاب هذا عرفنا لماذا الإصرار على وزير تعليم متهم بتزوير شهاداته، فعبر صاحب العين المكسورة هذا سيمر، كل شيء، لا سيما أنه ابن تجربة “الدفع قبل الدرس”>