بقلم ـ عايدة رزق
طلاق أبى وأمى كان أسوأ ما حدث فى فترة مراهقتي.. واحتجت إلى أكثر من عشر سنوات لأتخلص من آثار هذا الحادث.. هكذا كتب الصحفى خريج جامعة بوسطن «مارك مانسون» فى كتابه «فن اللامبالاة».. فى البداية يعترف بأنه كان صبيا متمردا وكذابا.. وبسبب تصرفاته المتهورة وحماقاته العديدة طرد من المدرسة.. وقرر أبوه حبسه فى البيت.. وأرغمته أمه على قص شعره وتمزيق قمصانه التى تحمل صور مطربين شبان.. ولا يدرى هل سلوكه المنحرف هو الذى جعله يشعر بالذنب عندما أعلن والداه أنهما قررا الطلاق.. وهو شعور ظل يلازمه فترة طويلة بالرغم من أنهما أكدا له مرارا أنه لا ذنب له فى انفصالهما.
يقول «مارك»: «بعد طلاق أبى وأمى لم يعد هناك صراخ ولا مشاجرات ولا تبادل اتهامات ولا أبواب تغلق بعنف.. وفى المدرسة الداخلية التى ألحقنى أبى بها ازددت انطواء على نفسي.. وازداد شعورى بالذنب.. وقد شرح لى الطبيب النفسى الذى ذهبت إليه فى بداية العشرينيات من عمرى أن ما حدث لى أمر طبيعي.. وأن أغلب أبناء المطلقين يمرون بعد انهيار بيت الأسرة بفترة صدمة حقيقية».
«مارك» الذى يبلغ من العمر الآن 37 عاما يصف مشاعره فى هذه الفترة بقوله: «عندما تحدث لنا فى بداية حياتنا أشياء سيئة مثل طلاق الوالدين.. يتولد فى أعماقنا احساس أننا أشخاص لدينا عطب ما.. وأننا لن نستطيع أن نحل مشاكلنا مما يجعلنا نشعر بالعجز والضآلة.. وقد قادنى الألم الذى انتابنى طوال فترة مراهقتى والقسم الأكبر من فترة شبابى إلى طريق حاولت فيه أن أثبت لنفسى أننى محبوب ومقبول من الآخرين.. لذلك لم أستطع طوال تلك السنوات أن أعقد علاقات صداقة سوية.. فقد كنت دائما ساعيا إلى انتزاع علامات القبول من المحيطين بى والتأكد من أننى غير مرفوض».. وأنهى «مارك» كلامه عن طلاق والديه بقوله لم أعد ألوم أبى وأمى بل إننى الآن أراهما شخصين جيدين.. وأنا أحبهما كثيرا.. وأعرف أن لديهما مشاكل وعيوبا مثل بقية الآباء والأمهات. إذا كان «مارك» استطاع بفضل طبيبه النفسى أن يفهم أبعاد حادث طلاق والديه على تكوين شخصيته.. إلا أنه فى الأغلب لن يستطيع مثل معظم أبناء المطلقين أن يخرج هذا الحادث من ذاكرته.. وسيظل مهما تقدم به العمر يتذكره باعتباره حادثا مؤلما فى حياته.. وأعرف صديقة عمرها ستون عاما قالت لى إنه بالرغم من أن طلاق والديها حدث منذ نحو خمسين عاما فإنها وحتى الآن عندما ترى طفلة تسير فى الشارع مع أبيها وأمها تشعر برغبة فى البكاء.