بقلم الكاتبة الصحفية / سهام فودة
هل شعرت يومًا بأنك لست بحاجة للكلمات لتُفهَم؟
أنك لست مضطرًا لشرح تفاصيلك لتُحَب؟
أن هناك قلبًا ما، بمجرد أن تُثقلك الحياة، يفتح لك ذراعيه كأنما خُلق ليتسع لعالمك كله؟
ذلك ليس خيالًا… إنه “الاحتواء”.
ليس فعلًا يُؤدى، بل شعور يُمنح.
هو دفء لا يُشترى، وأمان لا يُستعار.
الاحتواء مش بس إن حد يسمعك، ده إن حد يحس بيك قبل ما تنطق،
يعرف من نبرة صوتك إنك مش تمام، ومن سكوتك إنك موجوع…
الاحتواء مش بس حضن، ده حكاية أمان بتتقال من غير كلام.
يعني إيه احتواء؟
يعني تبقى غالي… مش لأنك مثالي، لكن لأنك ببساطة “إنت”.
يعني وجودك في حياة حد مش بيعدي مرور الكرام،
ده بيغيّر فصول عمره، ويدّي لأيامه معنى.
يعني تحس إنك مش لوحدك…
إن فيه ضهر، سند، حد بيشيلك لما تقع من غير ما يحسسك بضعفك.
حد ما بيخافش من مشاكلك، بالعكس، بيقرب منها علشان يقللها عنك.
الاحتواء مش لحظة عابرة، ده حضور دائم،
هو إنك تلاقي حد يصنع الوقت علشانك،
مش حد يفتكرك بس لما يفضى وقته،
هو إنك تلاقي حد يختارك في الزحمة،
ويفضّلك رغم انشغاله،
لأنك مش “جزء من اليوم”، إنت “كلّه”.
الاحتواء هو إنك تلاقي حد بيشوفك في أسوأ حالاتك
ومع ذلك يفضل،
ما يهربش من غضبك، ما يتضايقش من ضعفك،
ويحاول بكل طاقته يخرجك من اللي انت فيه،
لأنه شايفك… وبيفهمك.
هو إنك تلاقي حد يراعي مشاعرك،
ما يستهونش بوجعك،
يبقى موجود لما تختفي، ويفتقد وجودك كأنك غايب عن قلبه مش بس عن عينه.
حد لما تتكلم معاه، يخليك تحب نفسك أكتر،
وتشوف في عينيه النسخة الجميلة منك اللي كنت ناسي إنها موجودة.
حافظ على اللي يحبك بالشكل ده…
حافظ على اللي لما تزعل، يصالحك من قبل ما تطلب،
على اللي لما تغيب، يستناك،
ولما ترجع، يفرح بيك كأنك أول مرة تدخل حياته.
اللي يحتويك بالشكل ده…
ما تفرّطش فيه،
لأن القلوب اللي بتفهم وتحب من غير شروط…
بقت نادرة.
عزيزي عزيزتى انتبه الاحتواء مش رفاهية…ده ضرورة إنسانية،
ميقدرش يعيش من غيرها إلا قلب متقفل على نفسه.
ولو لقيت حد يحتويك، تمسك بيه…
لأن في زمن السرعة والتخلي،
اللي يحتويك… هو المعجزة.