كتبت / سلوى لطفي
تجسد فيروز الطفلة المعجزة التي اجتمعت فيها العديد من المواهب الفنية، من التمثيل إلى الغناء والرقص والاستعراض، بالإضافة إلى الإنتاج السينمائي، فمن خلال أفلامها المتعددة، نجحت في أن تضع اسمها في تاريخ السينما المصرية كأيقونة فنية تربعت على قلوب الجماهير وخلدت في ذاكرتهم حتى اليوم، وبينما كانت تلتقي مع عمالقة الفن في تلك الفترة، مثل ليلى مراد وزكي رستم، استطاعت أن تبني مكانتها الخاصة وتترك بصمة لا تُنسى في عالم الفن السابع.
البداية من الأوبرا
تسترجع فيروز ذكرياتها الأولى وتقول: “كنت ذات يوم مع والدي في الأوبرا وأعلنوا عن مسابقة للأطفال الموهوبين، فتقدمت للمسابقة وكنت صغيرة جدًا. عزف لي والدي على الكمان وغنيت، وفوجئ الحاضرون بموهبتي الشاملة؛ حيث كنت أرقص وأغني وأمثل.” كانت تلك اللحظة البداية الحقيقية لمشوارها الفني، حيث فازت في المسابقة وحصلت على الجائزة الأولى، والتي كانت قيمتها 500 جنيه، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت. وكان بين الحاضرين عدد من المنتجين والفنان الراحل أنور وجدي، الذي لفتت موهبتها نظره على الفور، ليوقع معها عقدًا ويمنحها فرصة البطولة في أول أفلامها.
البطولة الأولى: “ياسمين”
كان فيلم “ياسمين” هو أول خطوة كبيرة في عالم السينما بالنسبة لفيروز. تروي فيروز قائلة: “كان فيلم ‘ياسمين’ أول فيلم سينمائي ينتج خصيصًا لطفلة وتقوم ببطولته، وكان ذلك في عام 1950.” الفيلم من إنتاج أنور وجدي، الذي كان يقدم لها كل الدعم والدلال في الاستوديو، حيث كان لها غرفة خاصة في أثناء تصوير الفيلم. وكان أنور وجدي يتعامل معها كنجمة كبيرة رغم صغر سنها، ما أتاح لها فرصة التألق في بداية مشوارها. الفيلم الذي كتبه أبو السعود الإبياري، طرح موضوعين مهمين: غضب الآباء من فكرة إنجاب بنات، بالإضافة إلى معاناة الطفولة المشردة. شارك في الفيلم عدد من كبار النجوم مثل أنور وجدي، سراج منير، ميمي شكيب، وزينات صدقي.
الانتقال إلى النجومية
بعد نجاح “ياسمين”، توالت النجاحات السينمائية لفيروز، وكانت قد حققت شهرة واسعة في فترة قصيرة بفضل موهبتها المتعددة. تذكر فيروز: “كانت لي غرفة خاصة بي في الاستوديو، وكان أنور وجدي يدللني في هذا الفيلم.” ثم جاء فيلم “فيروز هانم” عام 1953 من إنتاج أنور وجدي، الذي وصفته فيروز بأنه كان فيلمًا استعراضيًا يحمل العديد من الألوان الفنية من كوميديا ودراما، ما ساعد في تعزيز مكانتها الفنية.
دخول عالم الإنتاج: “الحرمان” و”عصافير الجنة”
لم تقتصر مواهب فيروز على التمثيل فقط، بل دخلت عالم الإنتاج السينمائي، لتصبح واحدة من أصغر المنتجات في تاريخ السينما. تقول فيروز: “بعد أن قدمني الفنان الراحل أنور وجدي في سلسلة أفلام من إنتاجه، بدأت أنزل إلى ميدان الإنتاج السينمائي وكنت أصغر منتجة في العالم.” وكان أول إنتاج لها هو فيلم “الحرمان” الذي أخرجه عاطف سالم. وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا في دور العرض، حيث تناول قضية اجتماعية إنسانية عن الأب المحروم من ابنته، والزوجة المحرومة من زوجها، والطفلة المحرومة من كليهما. شارك في بطولة الفيلم عماد حمدي وزوزو ماضي، وهو فيلم ساهم في تعزيز مكانتها كمنتجة ونجمة.
ثم تبعه فيلم “عصافير الجنة” الذي شاركت فيه شقيقتاها نيللي ومي فهمي. كان هذا الفيلم أول مرة في السينما المصرية تجتمع فيها ثلاث شقيقات في فيلم واحد. تقول فيروز: “كانت استعراضات الفيلم مبتكرة وأول مرة يتم تقديمها على الشاشة، وكانت من وضعي.” تناول الفيلم قصة رجل وقع في صراع بين حب طارئ وحبه لبناته، ليحقق بدوره نجاحًا كبيرًا.