كتب / رضا اللبان
بداية قصة الإمبراطور الياباني:-
كانت اليابان قديمًا يحكمها امبراطور عادل وله عقل مستنير وكان يتميز بالحكمة والرصانة.
وكثيرًا ما كانت تتعرض اليابان في عهد الإمبراطور لهجوم من الشعوب الأخرى التي كانت تريد أن تنهب خيراتها وتحتلها.
لكن الإمبراطور كان شجاعًا وكان دائمًا يُجهِز جيش مستعد للضحية من أجل الحفاظ على وطنه.
لكنه في سنة من السنوات لاحظ أن الجنود لم تعُد لديهم العزيمة التي كانت من قبل، فقرر أن يلجأ إلى حيلة.
لكي يحفز بها الجنود حتى يخوضوا المعارك الصعبة ويفوزون بها، فجمع القادة من حاشيته وقال لهم إننا تعبنا من الحروب والمعارك.
وقد قررت قرارًا لابد أن نقوم بتنفيذه، فسأله قائد الجيش وقال له: وما هو هذا القرار يا سيدي الإمبراطور؟
فقال له: إن تعرضنا لهحوم أو أردنا أن نقود حرب مع عدو سوف نفعل حيلة على أساسها سوف يتحرك الجيش.
فتعجب كل الموجودين من كلام الإمبراطور فهو دائمًا كان مقدامًا على الحروب ولا يتوقف أبدًا في عمل كل ما يستطيع حتى يخوض المعارك ويكسبها.
وهنا تقدم منه حكيم الحكماء في الإمبراطورية وقال له: نُريد أن نفهم أكثر يا سيدي الإمبراطور.
فأبتسم الإمبراطور وقال له: الأمر ليس فيه شيئًا للفهم، فقد مرت الإمبراطورية بالكثير من المحن.
وقد لاحظت أن الجنود لم يعد لديهم الحماس ولا قوة للقيام بأي حرب وهم لا يعلمون إن كانوا سوف يفوزون فيها أو سوف يخسرون.
لذلك كان عليَ كإمبراطور حكيم أن ألجأ إلى شيء يجعل هناك ثقة من الجنود بأنهم لن يبذلون الجهد بدون نتيجة.
في نفس مجلس الإمبراطور سأله قائد الجنود: وما هي الحيلة التي سوف نعرف بها إننا سنفوز أم سنخسر.
فقال له الإمبراطور: قبل أن نخوض أي حرب سوف أقوم بإلقاء قطعة نقود معدنية على الأرض.
فإذا كانت هذه القطعة سوف تنزل على الجانب الذي يظهر به صورة.
فهذا معناه أننا سوف ننتصر في الحال، أما إن كان غير ذلك فلن نخوض هذه الحرب.
فكر قائد الجنود وقال له إنها فكرة عظيمة، وبالفعل كان على الإمبراطور أن يجهز جيشًا لكي يقابل عدوًا عند حدود بلاد أخرى.
فجمع الجيش ثم قام بإلقاء القطعة المعدنية فإذا بها تنزل على الجانب الذي يظهر به صورة، فهتف الجنود.
وقالوا: النصر لنا، ثم صار الجيش لمقابلة العدو وبالفعل خاضوا معركة ناجحة وتحقق الفوز للإمبراطور وجيوشه.
وقد كان الجنود أثناء المعركة يقاتلون بكل حماس وشجاعة، لأنهم يثقون أن النصر من نصيبهم.
وهكذا توالت المعارك وفي كل مرة كان الجيش يرى أن القطعة المعدنية تنزل على الصورة.
وبعد مرور سنوات كثيرة مرض الإمبراطور مرضًا عظيمًا، فقد كان قد تقدم في العمر وقد شعر بدنو الأجل.
لذلك أحضر ولي عهده ولده الكبير الذي سوف يخلفه في الإمبراطورية بعد وفاته.
جلس الأبن أمام والده ليتلقى منه النصائح والوصايا التي يجب أن يقوم بها بعد وفاة والده.
وبالفعل نصحه الإمبراطور بالعدل والشجاعة ونصرة المظلوم وتفقد حال الناس في كل الأوقات والعمل على تنمية المجتمع.
ومعرفة كل كبيرة وصغيرة في الإمبراطورية، كما نصحه بأن لا يكون له أعداء.
وأن يحرص على أختيار الحاشية لأن بها تصلح الأمور.
ثم أختتم الإمبراطور نصائحه وقال لولده: إن شعرت يومًا بأنك لا تحب الحكم فأتركه لمن يحب لأنك لن تستطيع أن تعطي في شيء دون أن تحبه.
ثم صمت الإمبراطور، وهنا تعجب الأبن فلم يخبره الأب عن القطعة المعدنية التي كان يلقيها في كل حرب.
لكنه قال في نفسه ربما والدي أنهكه المرض فنسى أن يعطيني هذه القطعة.
فسأله يا والدي هل سوف تخرج لي القطعة المعدنية التي كانت تخبرنا دائمًا إن كنا سوف ننتصر أم لا؟.
فنظر إليه الأب وأبتسم وأخرج له القطعة المعدنية وقال له خذها يا بني وافعل ما كنت أفعل، وعندما أخذها الولد كانت المفاجأة.
القطعة المعدنية ليس لها وجه إلا الصورة، فصاح الأبن في والده وقال له: كل هذه السنوات كنت تخدعنا يا أبي؟
وهل كنت بطل بالخداع، فكل الناس كانوا يرون أنك بطل لا تخسر معركة بسبب هذه القطعة المعدنية، فنظر إليه الإمبراطور.
وقال له: أنا لم أقُم بخداع أحد، لكن الناس دائمًا لابد أن يكون لديها أمل وأن يكون أمامها حافز.
لكي تفعل ما يجب فعله، وعندما كنا نخوض الحروب يا بني لم يكن لدينا اختيارين، لكنه اختيار واحد فقط هو النصر.
فالهزيمة معناها فناء هذه الإمبراطورية، وعندما يؤمن الإنسان بفكرة ويصدقها يحقق منها نصرًا يصعُب تحقيقه مع الشعور بالإحباط وإختفاء الإرادة.
الدروس المستفادة من قصة الإمبراطور الياباني :-
ضرورة التحلي دائمًا بالتفاؤل والإيمان.
عندما صنع الإمبراطور قطعة معدنية وجهها الأثنان يحملان نفس الصورة، لم يكُن مخادعًا بل كان إمبراطورًا ذكيًا أحب أن يزرع الثقة داخل جنوده، وبالفعل عندما تواجدت الثقة داخلهم بذلوا كل ما بوسعهم حتى يتمكنوا من تحقيق النصر.
لابد على كل حاكم أن يتمتع بالعدل والحكمة وحب شعبه ومعرفة كل شيء في مملكته.
قد تكون الحيلة أحيانًا هي السبب في تحقيق أهداف الإنسان في حياته.