بقلم د / حسن اللبان
حكاية “محفوظ” وبائع الكتب المتجول
——————————–
مهنة انقرضت في مصر، وهي بائع الكتب المتجول، الذي كان يعرف زبائنه واحتياجاتهم من الكتب العزيزة في السوق، فكان أحدهم يعرف من أين تأتي، ثم يأتي بها لزبائنه من المثقفين.
من بين هؤلاء كان عم قاسم.. بائع الكتب المتجول الضرير بمنطقة الحسين، حيث كان يحب أديبنا الكبير نجيب محفوظ التريض صباحا، وتناول فنجانا من البن على مقهى الفيشاوي الشهير، فيهنأ قليلا بهدوء صباحي قبل زحام المقهى ليلا.
كان عم قاسم يعرف مواعيد الأستاذ محفوظ في زيارته للمقهى وفق توقيت اسبوعي ثابت ودقيق أيام الأحد، فيجهز لهذا الموعد قبله بأيام، ويطمئن على وجود الكتب التي طلبها الأستاذ في الموعد السابق، وأهمها الطبعات القديمة من تاريخ الجبرتي.
من ناحيته.. كان الأستاذ يغدق على عم قاسم الذي يأتيه بنوادر الطبعات من حيث لا يستطيع أحد الحصول عليها، ومعظم هذه الكتب مع آلاف غيرها، أصبحت الآن في عهدة مكتبة الاسكندرية، بعد أن أهدتها أسرة الأستاذ نجيب لمصر.
وحتى وقت قريب، كان يزورنا في “أخبار اليوم” رجل مشابه لعم قاسم، كان عاملا بمطابع إحدى دور الصحف القومية الكبرى.. وعندما أحيل للتقاعد عز عليه الابتعاد عن الصحف ومخالطة أهل المهنة من الصحفيين، فكان يطوف علينا بالكتب والمجلات التي يقبل عليها القراء، وتختفي بمجرد نزولها السوق.
وبذلك كان يوفر علينا مشقة البحث عنها.. منها مثلا مجلة الشباب وقت رئاسة تحرير الأستاذ عبد الوهاب مطاوع لها، ونص الدنياء وقت رئاسة تحرير الأستاذة سناء البيسي، وسلسلة عالم المعرفة الصادرة من الكويت، والسياسة الدولية حتى تولي الأستاذ أسامة الغزالي حرب لرئاسة تحريرها، وبعض الإصدارات الأخرى التي كنا نتخطفها.