كتبت / الكاتبة الجزائرية يامنه بن راضى
مما لا شك فيه أن لا أحد يستطيع منع نجمة الصبح الجميلة من البزوغ، فكذلك الأمر بالنسبة لنا كدول وشعوب عربية لن يتمكن أحد من التحكم في ناصيتنا وتوجيه بوصلة مصائرنا ما لم نقدم له نحن عرابين الخنوع بلا تردد، بل وفي أحايين كثيرة بطريقة تنضح ذلا ومهانة، تنتهك شرف أمة كانت في زمن مضى عزيزة ذات مكانة سامقة يحسب لها ألف حساب ويطلب ودها ورضاها بكل الطرق من قبل الأمم الأخرى .
تحدث الرائع الجزائري مالك بن نبي كثيرا عن القابلية للاستعمار في نظرياته وكتبه ومحاضراته المتنوعة، هذا الفيلسوف الفذ الذي كان ينهل من بحر العبقرية حد الطغيان حسم علاقتنا بالغرب المتحكم في رقابنا وفي خيرات أمتنا بشكل عقلاني ناتج عن فكره الثاقب الأريب، رحل الرجل عن عالمنا تاركا إنتاجه الفكري المذهل لأمة بائسة لا تقيم وزنا للأفكار بل للهو والعقار، في حين تلقفت دول أوروبا وآسيا بشعوبها المجتهدة الظامئة للانجاز والتقدم مشروعه الحضاري بنهم شديد، وبقينا نحن نقحم السياسة بأوانيها الفارغة و ضجيجها القذر في كل شيء ويا ليتنا أفلحنا في ذلك أيضا، وهاهي شعوبنا تغرق في دوامة العشوائية والاستهلاك إلى درجة مستفزة منفرة، في منأى عن حلبة المنافسة مع شعوب المعمورة من أجل التطور والرقي والمشاركة في بناء الحضارة الإنسانية، بل تتنافس مع القطط و الفئران من أجل الأكل والنسل وكأنها قطعان من الأنعام لا أكثر، فلا جرم إذن أن تكون صاحبة هذا المصير المخزي الذي جعلها وجبة دسمة من السخرية والاستهتار لدى أمم العالم.
وما زاد الطين بلة.. هو تلك البذور الشيطانية النعرات الطائفية التي تركها الاستعمار أو بالأحرى الاستدمار وسط مجتمعاتنا في دولنا الهشة قبل رحيله مرغما عن أراضينا، حتى تبقى جذوة الصراع متقدة بيننا ويتسنى له هو تحقيق المزيد من مطامعه واستنزاف المزيد من خيراتنا كما يحلو له فتسعد شعوبه وتشقى شعوبنا، وقد نجح نجاحا باهرا، ففي كل أرض عربية تدور رحى المعارك الساخنة والباردة والتناحر بين أبناء البلد الواحد بات هو العنوان الأوحد في أوطاننا العربية .
قال يوما مخترع الإنسانية بيل جيتس : الطريق الى القمة يبدأ بكلمة و ما أصدق مقولته الشهيرة هذه وإذا ما شرحنا جثة الواقع الحالي نجد ذلك جليا واضحا وضوح نور الشمس في كبد السماء في واقعنا العربي الكارثي، فلو كانت لنا كلمة لتغير حالنا إلى الأفضل لكن هيهات لا محل لنا من الإعراب لدى أصحاب القرار في العالم، فيا عجبا.. ويا حسرتاه كيف يصنع الغرب مصائرنا على مقاس مصالحهم وكيف تقرر باريس وبرلين وواشنطن مصائرنا نحن وكيف بكلمة منهم تتفاعل الأوضاع في ليبيا واليمن والعراق وسوريا ولبنان، ثم لماذا أصبحوا هم من يحركون أوتار قضيتنا الأمم القضية الفلسطينية بكل خبث ومكر وأبناء جلدتنا من استحكمت بهم عقد الدونية يتواطئون معهم ضد حقوقنا و قضايانا وعزتنا .
إن واقعنا اليوم هو المأساة بعينه، وحياتنا العربية من المحيط إلى الخليج بركة آسنة وشعوبنا منبوذة ترجم بالحجارة، و بدل أن يكون معبد الحرية والقوة معبدنا أصبح اليأس والخذلان معبدنا وبدل أن نقيم طقوس العزة على خطى السلف نقيم طقوس الخضوع وبالمجان…. فالي متى يستمر هذا الهوان .؟