بقلم الكاتب الجزائرية / يامنة بن راضي
الوطن هو ذلك الحضن الدافيء الذي نشم فيه رائحة أمهاتنا، وهو ذلك المكان الفطري الذي نحاول فيه اصطياد أحلامنا وممارسة حماقاتنا، لذلك فإن أفراحه وأتراحه هي لحظات حياة او موت بالنسبة لنا، وتلك حكاية الجزائريين مع أمهم ومهوى أفئدتهم الجزائر، فبين قصص كفاح وبطولات في ثورة عظيمة أذهلت العالم وانتصار بجدارة يعزفون سنفونية عشق صوفي لجزائرهم الجميلة، وللخامس من جويلية يوليو من كل عام وقع خاص لا يضاهى في وجدان وقلوب كل الجزائريين، كيف لا وهو يوم الانتصار ذات صيف لذيذ من عام 1962 حين كسر الجزائريون شوكة فرنسا الاستعمارية التي لا تقهر آنذاك وأجبروها على الرحيل تجر أذيال الخيبة، فيما راح أهل الجزائر يثملون من كأس فرحة النصر …
لكل وطن رائحة ليل خاصة كما يقال وليل الجزائر يتنهد برائحة الذكريات الرابضة في دهاليز ذاكرة الجدات والأجداد وهم يروون لأحفادهم تاريخا عظيما يكتنز الكثير من البطولات والأمجاد لهذا الوطن المقدس، حين رسمت حدوده دماء الشهداء الزكية أمثال قاهر جنرلات فرنسا الاستدمارية ” العربي بن مهيدي ” وأسد الأوراس ” مصطفى بن بولعيد ” والشهيدة الحسناء ” حسيبة بن بوعلي ” وغيرهم من الشهداء، وقبلهم أيضا أبطال المقاومة الشعبية التي لقنت الاحتلال الفرنسي حينها بين الكثبان الرملية وجبال جرجرة والاوراس دروسا كثيرة في الدود عن حمى الوطن.
ولأن الوطن شجرة طيبة لا تنمو إلا في تربة التضحيات ولا تسقى إلا بالعرق والدم، فقد نمت شجرة الجزائر الحرة المستقلة واكتمل عودها في ظل قوافل التضحيات الجسام التي سار في ركابها أغلب أبناء الشعب الجزائري الأبي بعد أن سكن التحدي دورته الدموية وكان لسان حال الجميع وقتها يقول ” نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت ” …
لكل ذكرى غالية نكهة مختلفة، وذكرى افتكاك الجزائريين لحريتهم جاءت هذا العالم بنكهة عسكرية قوامها الثقة بالنفس على ما يبدو، حيث أن احتفالات الذكرى الستون لعيد الاستقلال ضمت استعراضا عسكريا مهيبا حضره بعض الرؤساء والوزراء والمسؤولين مغاربيا عربيا أفريقيا ودوليا،واحتفلت الجزائر بهذه المناسبة التاريخية الكبيرة بتظاهرة عسكرية وشعبية مميزة فكان استعراض لبعض القدرات الجزائرية العسكرية، فاستعرضت مؤسسة الجيش الجزائري جزء من ترسانة الأسلحة التي تمتلكها كالدبابات والمركبات وراجمات الصواريخ وأيضا بعض آليات الدفاع الجوي وفرقاطات من القوات البحرية ..هذا الاحتفال الضخم الذي كان الأول من نوعه بعد ثلاثة عقود يراه الكثير من المتابعين يحمل رسالة قوية إقليميا من أرض الشهداء بأنها قادرة للدفاع عن حدودها وسيادتها خاصة في ظل وضع غير مستقر مغاربيا وافريقيا …
يقول ايقونة الشعر الثوري الجزائري الراحل مفدي زكريا في إلياذته الشهيرة متحدثا عن شعبه البطل صاحب الإرادة الحديدية الذي اغرق فرنسا الغاصبة في أوحال الهزيمة . .
وقالت جزائرنا الغالية ..
هو الصدق حقق أماليه
ومن دم شعب شعبي وأكباده إلى النصر قدمت قربانيه ..
رحم الله شهداءنا الأبرار وكل عام والجزائر الغالية بخير ..