بقلم دكتور / حسن اللبان
أن يطعنك أحدهم في ظهرك فهذا أمر طبيعي، ولكن أن تلتفت وتجده أقرب الناس إليك فهذه هي الكارثة. من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في عصر الخيانة، وتبحث عن الحب في قلوب جبانة. لا شك في أنّك أغبى الناس إذا كنت تبحث عن الحب في قلب يكرهك. إذا كان هناك من يحبك فأنت إنسان محظوظ، وإذا كان صادقاً في حبه فأنت أكثر الناس حظاً. ليس كل من أظهر لك الحب أحبك، وليس كل من أحببت قد يحبك وإن بدى ذلك في أول الأمر. الحب كالزهرة الجميلة، والوفاء هو قطرات الندى عليها، والخيانة هي الحذاء البغيض الذي يدوس على الزهرة فيسحقها، عندما يخونونَك فكأنّهم قطعوا ذراعيك، تستطيع مُسامحتَهم ولا تستطيع عناقهم. أن تخسر شخصاً بسبب الموت أقل إيلاماً من خسارته لانعدام الثقة، الموت يقضي على المستقبل فقط، لكن الخيانة تقتل الماضي أيضاً. ألا تخجل من التحدث عن الحب، وأنت الذي زرعت في قلبي أكثر الجروح إيلاماً. إذا كنت تحبني فربما أحبك وربما لا أعبأ بك، ولكن إذا كنت تكرهني فتأكد أن الكراهية لا تقتل سوى قلب صاحبها. الخيانة ليست دائما بالأفعال، خيانة القلب أقسى من خيانة الجسد.
. ولا خير في خلٍ يخون خليله، ويلقاه من بعد المودة بالجفا. ليس من الصعب أن تضحي من أجلى، كيف يمكنك أن تخدعني، وكيف يمكنك أن تجرحني بعدما أخبرتك أسراري، وبعدما أخبرتك عن أخباري، لقد كنت حبيب عمري. غدر الحبيب سكين تصيب القلب فلا يبرأ. ما أصعب الحياة عندما تكون قسوتها من أقرب الناس إليك، مؤلمه حد الموت عندما يكون الطعن في الظهر، قاسية عندما تكون الجراح من يد من يملك الدواء. الحب والوفاء كلمات ساحرة تختفي خلفها الأنياب الحادة، والخناجر المسمومة، العشرة سنين تتبدد في ثوانٍ معدودة. تصلك الطعنات ممن كان يحمي ظهرك ويحرسه، ومن كان في يوم يدعي الحب والوفاء .
يقول الشاعر فاروق جويدة: ورجعتُ أذكرُ في الربيع عهودَنا .. أيامَ صُغناها عبيراً للزهر والأغنياتُ الحالماتُ بسحرِها سكر الزمانُ بخمرها وغفا القدر الليلُ يجمعُ في الصباح ثيابه واللحنُ مشتاقاً يعانقه الوتر العمر ما أحلاه عند صفائهِ يوم بقربك كان عندي بالعمر إني دعوت الله دعوة عاشق ألا تفرقنا الحياةُ .. ولا البشر .. قالوا بأن الله يغفر في الهوى كل الذنوب ولا يسامح من غدر ولقد رجعتُ الآن أذكر عهدنا من خان منا من تنكر ..! فوجدتُ قلبك كالشتاء إذا صفا سيعودُ يعصفُ بالطيور .. وبالشجر يوماً تحملت البعادَ مع الجفا ماذا سأفعلُ .. بالسهر ؟! ورجعتُ أذكر في الربيع عهودنا سألتُ مارس كيف عُدتَ بلا زهر؟ ونظرتُ لليل الجحود وراعني الليلُ يقطع بالظلام يَدَ القمر والأغنياتُ الحائراتُ توقفت .. فوق النسيم وأغمضت عين الوتر وكأن عهدَ الحب كان سحابةً عاشت سنين العُمر تحلم بالمطر من خان منا إنني ما زلت اسأل أين قلبُك .. هل غدر ؟ فلتسأله إذا خلا لك ساعة كيف الربيع اليومَ يغتالُ الشجر ؟!