بقلم / يامنة بن راضي
يحمل الحقد معه دائما معاول الهدم وتحمل الأنانية في سرها حيل الخبث والمكائد أيضا، وإذا كان التطور الحضاري الإنساني بآدابه وفنونه وثقافاته المختلفة قد سار بخطى متقاربة متجانسة، وهو يقدم لبني البشر ما يجعل حياتهم أفضل على هذا الكوكب، فإن مسيرة التطور العلمي والتقني والمعلوماتي لم تكن بتلك الوتيرة في الغالب قديما وفي الوقت الراهن، وتجلى ذلك واضحا كلما ارتبط التطور العلمي بإنتاج مختلف أنواع السلاح كالسلاح النووي مثلا، فلا ريب اذا أن مسألة السلاح النووي الايراني تكشف اليوم إلى أي مدى يحقد الغرب على من لا ينتمي إلى عائلتهم الغربية الأوروبية سيما المسلمين ويرفضون امتلاكم العلم والقوة والتمكين في الأرض ، وعلى الرغم من أن امتلاك السلاح النووي يعد أصلا تصرفا لا أخلاقيا خطيرا يضع البشرية برمتها على فوهة بركان، غير أنهم ولأنانيتهم المعهودة يرحبون بامتلاكه هم ويمنعون ذلك على من لا يدخل ضمن الحضيرة الغربية من منطلق حلال علينا حرام عليكم ..
قطعت إيران خطوات جبارة في هذا المضمار كما خاضت بين مد وجزر مفاوضات طويلة مع المؤسسات الغربية من أجل الدفاع عن حقها في امتلاك العلم النووي لأغراص مدنية سلمية وربما كسلاح أيضا على غرار الكيان الصهيوني المجرم، فإن الدول الغربية المنافقة تعمل جاهدة لكسر شوكتها وإدخالها بيت الطاعة كالبقية، فهل سينجح عناد وتحدي الإيرانيين في جعل الرياح تأتي بما لا تشتهي سفن الغرب ؟..
في كثير من الأحيان من يهديك وردة هو نفسه من يخبئ لك رصاصة، ووفق هذه القاعدة تتعامل أوروبا وأمريكا ومعهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع إيران وطموحها النووي الذي بات يشكل هاجسا مقلقا لهم خاصة بالنسبة لأمريكا التي تغض الطرف برضا تام عن الخطر العظيم الذي يشكله الاحتلال الصهيوني بامتلاكه هذه القوة النووية المدمرة في منطقة الشرق الأوسط ..
علاقة إيران بالوكالة الدولية للطاقة الذرية مرت بالعديد من المنعطفات على مدار ستة عقود كاملة، وهي التي كانت قد وقعت على معاهدة عدم امتلاك السلاح النووي منذ نظام الشاه، ثم تعرضت لضغوط دولية كبيرة وصلت إلى العقوبات بسبب تخصيبها اليورانيوم كل فترة وبسبب برنامجها الصاروخي الباليستي، ليأتي بعدها الاتفاق الايضافي عام 2015، إلا أن الإيرانيين ضربوه عرض الحائط عام 2021 بسبب التعامل السياسي و التحيز الواضخ للوكالة الدولية لأوروبا وأمريكا على حساب الحق الإيراني، وهكذا أصبح الطموح الفارسي يقض مضاجع الاوروبيين وأمريكا على ما يبدو ما جعلهم يفكرون في نسج المكائد لضرب التحدي الإيراني في مقتل، وفي المقابل يوفرون الحماية الكاملة للعدو الصهيوني صاحب أكبر قوة نووية في المنطقة ..
ولأن الشجاعة بلا حذر حصان أعمى، فإيران تدرك جيدا اللعب مع الغرب الحاقد الخبيث لا بد له من قواعد متينة فحددت شروطها السيادية من اجل العودة إلى اتفاق 2015 كما أنها تعي جيدا أن قطف الثمار المرجوة ربما لن يكون سهلا وعليها الصمود إلى آخر رمق …
على مذبح القرار ينام الناس نوما عميقا كما يقول المثل الشعبي الإيراني ، لذلك فإن النوم العميق قد يغادر جفون أحفاد كسرى الى أن تأتي الأيام بقرار من بلاد العم سام وأوروبا يثلج صدورهم ..فهل سيأتي ذلك اليوم ؟.