بقلم الكاتبة الجزائرية/ يامنه بن راضي
عندما تبدأ الحرب يفتح الجحيم أبوابه، ففي الحرب لا شيء يعلو فوق صوت الرصاص ورائحة الموت وغبار الخراب، وكلما اشتد وطيسها أكثر اشتدت معها الأهوال والخطوب التي تأتي على الحرث والنسل، وعلى الرغم من أن وطننا العربي الذي يبعد آلاف الأميال عن الجارتين الأوروبيتين المتناحرتين لا ناقة له ولا جمل في هذه الحرب الدائرة بينهما، بيدا أن نيرانها التي لا تزال مستعرة ستكون شديدة الوطأة على سلة الغذاء العربية التي ترتبط بكل من روسيا وأوكرانيا، فهل سيشهد العرب أزمة غذاء في الفترة القادمة؟ والسؤال الأبرز ..أين القمح العربي ؟.
يقال الحرب مثل الحريق لا تظل في مكانها حيث هي، فمنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية التي تعيث فسادا في العباد والعتاد، هاهي الغارات الروسية والقصف الروسي لأوكرانيا يغير في لمح البصر معادلات وتوازنات الاقتصاد العالمي برمته، ويبدو أن مصائب قوم عند قوم لن تكون فوائد هذه المرة، فمصائب الروس والأوكرانيين تحمل معها مصائب أخرى لوطننا العربي لاسيما إذا كان الأمر يتعلق برغيف الخبز ولأن العرب الذين يستهلكون الحبوب بكثرة يستوردون القمح من أوكرانيا وغريمتها روسيا، وفي ظل انهيار منظمومة الأمن الغذائي العربي فإن توفير الغذاء الكافي لثلاثمائة مليون عربي يعد مسألة حياة أو موت وهو ما ذهب إليه الباحث السوداني الصادق عوض بشير في كتابه الأخير ” تحديات الأمن الغذائي العربي “، حيث أكد أن الأمن الغذائي يمثل هاجسا خطيرا لمستقبل العالم العربي ..
في الحرب تلتهم الأرض لحوم البشر لكنها أيضا تفرض طقوسها الأخرى كالجوع والفقر حين تضرب وادرات القمح في مقتل والذي أسفر عن ارتفاع أسعاره، وتلك هي الأزمة المستفحلة التي ستمس كل الاقطار العربية بلا ريب اذا ما استمرت رحى المعارك وستكون أكثر قساوة على الدول التي تفتقر لموارد الطاقة لأن أزمتها ستتضاعف ..ولأن الوطن العربي لا ينتج إلا النزر اليسير من هذه المادة الحيوية فالفجوة كبيرة جدا بين الإنتاج والمطلوب وهو ما ينذر بمعضلة الغذاء قريبا، ويا ليتنا تداركنا الأمر سابقا على غرار الصين و الهند اللتان كانتا مرشحتين لمجاعات فزادتا إنتاجهما وحققتا اكتفاء وأنقذتا شعوبهما من كابوس المجاعة ..
يقول عنترة بن شداد الحرب أولها شكوى وأوسطها نجوى وآخرها بلوى، فعلى ما يبدو فإن بلوى هذه الحرب ستسقط فوق رؤوس العرب لأنها تستهدف بطونهم وأمعاءهم …فماذا تحمل الأيام القادمة ؟.