رباب حرش
فزاعة سد النهضة!. … مصر هبة النيل الأزرق ذلك ان 66% من المياه تستمد من هذا الرافد، ويشهد التاريخ علي حسد سكان المنبع المتخلفين لسكان المصب المتقدمين وهو ما جعل الملجا الوحيد للمستعمرين عقب كل محاولة فاشلة لاخضاع مصر هو قطع النيل الأزرق عنها.. فالبرتغاليون بعد ان خنقوا مصر موقعا عن طريق الراس فكروا في خنقها موضعا عن طريق اعالي النيل فلجاوا الي بيرسترجون ملك الحبشة لكي ينفذ حلمهم بشق مجري من منابع الازرق الي البحر الاحمر فتحول المياه اليه وتترك مصر لتختفي من خريطة العالم، ولكن بطبيعة الحال لم يكن لهذا المشروع الجنوني من مكان الا سلة مهملات التاريخ، وقد عادت الفكرة في صورة مخففة فيما بعد علي يد الاستعمار البريطاني في السودان وشرق أفريقيا وارتفعت الأصوات تطالب بمنع مياه النيل عن مصر كأداة للضغط السياسي والمساومة الاستعمارية وتأتي هذه التهديدات من المعاندة للحقائق الطبوغرافية والهيدرولوجية فمياه النيل تتجه الي مصر في النهاية كظاهرة طبيعية قامت عليها حياة بشرية كاملة قبل أن يعرف سكان المنبع الحياة المستقرة المنظمة في أية صورة، فهي حق تاريخي وجغرافي مكتسب يعترف به القانون الدولي والشريعة الجغرافية كملكية ذاتية طبيعية لمصر. كما أن الطبيعة قد وازنت وعوضت تلقائيا بين المطالب والحاجات الحقيقية من الماء لكل قطاع بالنهر فابنتظام مطرد يقل اعتماد كل قطاع وحاجته الطبيعية الي المياه حيث يزداد المطر باتجاهنا من المصب الي المنبع فلا يمكن ان يكون لاوغندة وكينيا والسودان وإثيوبيا فائدة في حصة اكبر من المياه ولهذا تظل الأغلبية العظمى من النيل إرثا طبيعيا لمصر.. اكدت عليه جميع الاتفاقيات الدولية بتوقيع كل من بريطانيا وفرنسا بدءا من 1902 و1906و1929 ونصت جميعها علي منع إقامة أية مشروعات علي الأزرق وحق مصر في الاعتراض علي الاقلال من حصتها كاملة وبرغم ان قطع النيل حجة للمستعمر البليد الا اننا لانقلل من خطورة الاقدام عليها والتلويح بها ولهذا جاءت اهم مشاريع الري داخل الحدود المصرية لتكون في مأمن من الضغوط السياسية والتهديدات الحربية وكانت سببا في تفضيل مشروع السد العالي علي شبكة مشروعات أعالي النيل التي اشتدت الدعوة لها في الثلاثينيات ولقيت تاييد وتمويل كبير من الدول الكبرى!. تلك الدول التي استطاعت اليوم تمويل سد النهضة رغم اعتراض مصر ورفض مشاركتها في الفحص والتفتيش بل وطلبت اثيوبيا تنازل مصر عن حق الفيتو علي توزيع المياه و جاء القرار بمنح آبي احمد رئيس وزراء إثيوبيا نوبل للسلام ،كمن سبقوه من توكل كرمان والبرادعي وكل من غرس نبتة التدمير التي عجزوا عن غرسها في السابق وساهمت في اخضاع الشعوب العربية وبمعني ضمني قادة الجيل الرابع من الحروب، وكما كان السلاح النووي فزاعة العالمية الأولى والثانية، سيصيح سد النهضة فزاعة مايستجد من اجيال للحروب.