كتب : حسن اللبان
استندت السياسة الخارجية الأمريكية على بناء التحالفات خلال عقود ، و ربما تؤتي هذه السياسة أكلها تحديدا في ملف المنافسة مع الصين.
ففي الـ 28 من مايو/ أيار الماضي قالها صراحة وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” : “الصين ليس لديها حلفاء” ، في حين أن للولايات المتحدة العديد من الحلفاء ، ما يمنحها قوة أكبر.
و كما عززت إدارة بايدن خلال عامها الأول من موقفها بأكثر من تحالف ، مثل : الحوار الأمني الرباعي الذي يضم الهند و اليابان و أستراليا ، و بالإضافة للتحالف الجديد “أوكوس” الذي يضم أستراليا و بريطانيا.
و لهذا سلطت مجلة “فورين أفيرز” الضوء على محاولات بكين مجاراة واشنطن في مقال تحت عنوان “الصين تبحث عن حلفاء” ، حيث أشارت المجلة إلى أن بكين تسعى إلى تعزيز تأثيرها الدولي بالعلاقات الاقتصادية.
و بحسب المجلة أيضا تستهدف هذه السياسة طمأنة المجتمع الدولي من أن صعود الصين لن يضر أحدا ، بل و يجب التعامل معه على أنه دفعة للازدهار ، و التنمية في العالم و تعزيز المصالح بداية،
قال “د.شاو جين يوسف” أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الشارقة : إن الصين لا تبحث عن حلفاء لأن الدبلوماسية الصينية ليست من أهدافها السعي وراء تكوين تحالفات.
و أكد خلال مشاركته في برنامج (مدار الغد) ، أن الصين تسعى لتأمين بعض الاستراتيجيات لتعزيز مصالحها الاقتصادية حول العالم ، و مشيرا إلى أن الصين قد تستخدم إيران لمواجهة الولايات المتحدة الأمريكية.
و أوضح شاو جين أن الصين و روسيا علاقتهما قوية للغاية ، و أصبحا قوتان متآلفتان عسكريا ، و هناك بالطبع دولة صديقة لكن ليسوا حلفاء بالمعني الحرفي للكلمة ، غير أن بكين تسعى مؤخرا إلى توسيع التبادل العسكري و التجاري مع دول مثل روسيا و إيران و باكستان ، علما بأن هذا السعي لا يقارن بتحالفات أمريكية تتضمن تعاونا دفاعيا و ترتيبات بإقامة قواعد عسكرية.
و اما تجاريا فتواصل الصين تقوية تحالفاتها الاقتصادية مثل منظمة شنغهاي للتعاون و منبر التعاون الصيني – الأفريقي و منبر التعاون الصيني و الدول العربية ، و لا تتوقع فورين أفيرز تغييرا في استراتيجية الصين الجيو اقتصادية كوسيلة للهيمنة إلا في حالتين ؛ الأولى في حالة التهديد الأمني المباشر لحدودها و مصالحها ، و الثانية إذا ما قررت أن تحل محل الولايات المتحدة كقوة عسكرية مهيمنة ، و ليس فقط في منطقة المحيطين الهادي و الهندي بل على مستوى العالم.
و من واشنطن قال “مايكل كول” مستشار العلاقات الحكومية الأمريكية و المختص في الشئون الصينية ، إن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة “جو بايدن” تتواصل مع الصين.
و كما أكد “مايكل كول” أنه من المتوقع أن تكون هناك مزيد من المحادثات بين الجانبين ، و ذلك من منظور تشجيع لجنة السياسات الخارجية في البرلمان الصيني بالتعاون مع الحزب الشيوعي.
كما أشار إلى أن هناك أفقا للسياسة الأمريكية بالنظر إلى الصين و العلاقات التجارية و تعزيز المحادثات ، لافتا إلى أن هناك أهدافا مشتركا بين البلدين.
و استكمل قائلا : “التقارب الصيني الروسي قضية مختلفة عن الصراع بين الصين و الولايات المتحدة ، و لكن العلاقة تعتمد بصفة أساسية على التجارة ، و كذلك العلاقة موجودة مع روسيا”.
و من موسكو أكد “رولاند بيجاموف” الباحث في العلاقات الدولية ، أن الصين لا تحتاج إلى دعم من موسكو ، موضحا أن العلاقات بين البلدين متعددة المستويات ضمن منظمة شنغهاي.
و أكد بيجاموف أن هناك تكثيف في التعاون الاستراتيجي ، و لكن لا نستطيع القول بأنه سيتم تشكيل تحالف روسي صيني كالذي حدث وقت ستالين ، و لافتا إلى أن هناك أوساط سياسية تطلب مزيد من التعاون مع الصين.
و أوضح أن هناك دوائر سياسية مختلفة في روسيا تطالب الرئاسة الروسية بتغيير سياستها تجاه أمريكا ، و هو أمر شرعي يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية أيضا ، و أردف قائلا : “من هذا المنطلق يمكن للصين و روسيا أن يكونا حلفاء مؤقتين” ، و يشار إلى أنه لا يختلف اثنان على سطوة الهيمنة التجارية للتنين الصيني ، لكن متخصصين يحذرون من أزمات اقتصادية داخل الصين لا خارجها ، و يؤكدون أن قادة بكين أخطأوا حين بنوا آمالهم على استمرار نمو الاقتصاد لفترات زمنية طويلة ، و هو أمر يصعب تحقيقه لأسباب متعددة.
و عن هذه السطوة قال “عامر تمام” الكاتب الصحفي المختص الشئون الصينية ، إن هناك مشكلات طبيعية في الصين نتيجة الإغلاق بسبب فيروس كورونا المستجد.
و أكد تمام أن الحكومة الصينية بدأت تتحرك سريعا على أكثر من صعيد ، كان آخرها تصريحات رئيس الحكومة حيث طالب حكام المقاطعات الصينية إلى دعم الشركات للتغلب على المشاكل.
و فيما يتعلق بالأزمة الاقتصادية نفى تمام أن تكون هناك مشاكل كبيرة في سوق الطاقة ، و مؤكدا أنها أزمة تم احتوائها ، و قال تمام إن الصين أكدت أنها سوف تستخدم جزء من الاحتياطي الاستراتيجي الخاص بها في النفط للمساهمة في الحد من ارتفاع أسعار الوقود في البلاد.
و من برلين قال “إسكندر الديك” الصحفي المختص في الشئون الأوروبية ، إن هناك تناقض في النظام الصيني ، لأنه يعتبر أنه نظام شيوعي ، و لكن هناك أيضا هناك نظام رأسمالي.
و أكد أن هناك مشاكل اقتصادية بالفعل في الصين بسبب التناقض حول النظام الشيوعي و النظام الرأسمالي ، و مشيرا إلى أن الأمور تتراجع كأي بلد في العالم.