بقلم -غادة درويش
منذ أعوام قليلة وحين دخلت إلى عالم ذوي القدرات الخاصة وتعارفت على أمهات الكثير منهم
صدمني الواقع المرير من صعوبة التأهيل والعالج وتكلفتهما العالية وكثير من المشكالت
األخرى.. إال أن أكبر صدمه قابلتها وهي مشتركة بين نسبة كبيرة من الحاالت أال وهي ) تخلي
األب( نعم ويالها من صدمة، فقد تخلى بعض اآلباء عن أبنائهم وأسرهم بأكملها فقط ألن هللا
رزقهم بطفل معاق فبد ًال من أن يسعى لعالجه وتأهيله يذهب بال عودة متخلياً عن أسرة بأكملها
أو يرفض االنفاق عليه وعلى عالجه فتجد األم نفسها وحيدة وسط أمواج متالطمة ال تدري ماذا
تفعل وكيف تواجه معترك الحياة بمفردها.
فهؤالء ليسوا كمن تخلى عن أبنائه بسبب اإلنفصال عن الزوجة أو بعض الخالفات الزوجية
كما هو منتشر ومتعارف عليه في مجتمع ذكوري يفتقر إلى العدل، بل هم يفعلون ذلك اعتراضاً
على إرادة هللا الواحد األحد الذي شاء أن يهبهم منحة إلهية لتكون سبباً في عبورهم إلى الجنه
فبد ًال من أن يسعد بتلك المنحة ويزداد شكورا يلقى بها أرضاً دون اكتراث ويذهب إلى الجحيم
بكامل إرادته .. لن ألتمس العذر لمن ضاقت يده وقل رزقه وكانت حجته أنه اليستطيع تحمل
نفقات العالج ألنه في تلك الحالة تخلى عن دور األب واإلنسان ولم يسعى حتى الحتواء طفله
ولذلك و بالرغم من سن قانون قوي وشامل لألشخاص ذوي اإلعاقة إال أنني أطالب بقانون رادع
لهؤالء اآلباء اللذين تجردوا من أبسط المشاعر اإلنسانية تجاه أبنائهم وأسرهم.. وأن يقف القانون
في صف األم التي أجبرت على تحمل المسؤولية بمفردها ساعية إلى الوصول بفلذات كبدها لبر
األمان..
رفقا بأبناءنا من ذوي الهمم ورفقا بأمهاتهم ورفقا بالمجتمع الذي تكبد الكثير جراء إجرام هؤلاء ظلما ً المحسوب