بقلم/صلاح عبد الحكيم ضرار
الدنيا فيها الخير وفيها الشر والإنسان حريص دائما على أن يجلب لنفسه الخير ويدفع عنها الشر لكنه يخطئ فى تفسيره لمعنى الخير والشر فالخير فى نظره كل ما يجلب له نفعا دنيويا والشر كل ما يحرمه من نفع دنيوى وعلى هذا المنهج انطلق فى الحياة مسعورا يسعى وراء كل شئ ظنه خيرا وقد يكون فى الحقيقة شرا فمثلا ترى الأب يهتم بابنه من حيث المأكل والمشرب والملبس وكذا التعليم ولا يهمه أن يعرف إبنه عن دينه شيئا كالصلاة والأخلاق وقد يجلس إنسان فى محل عمله ويسمع المؤذن يؤذن للصلاة فلا يتحرك للصلاة ويؤثر نفعا دنيويا على خير يبقى وقد يقوم من نومه فجرا لسفر أو لقضاء عمل أو لموعد لكنه لا يقوم فى هذا الوقت لصلاة الفجر ويصور له فهمه العليل أن الله اذا وسع على عبد رزقه فمعناه أن الله راض عنه وإذا ضيق على آخر رزقه فمعناه أن الله غاضب عليه وهذا غير صحيح بدليل أن هناك دولا كافرة يتمتع أفرادها بدخل مرتفع بينما هناك دول إسلامية تعيش على الكفاف وقد لا تجده فهل معنى ذلك أن الله قد رضى عن هذه الدول الكافرة وسخط على هذه الدول المؤمنة ؟ ونجد على مستوى الأفراد فى المجتمع الإسلامى رجلا يأكل أموال الناس بالباطل ويعيش على المال الحرام الذى يكثر بيده بينما نرى رجلا آخر يلتزم بشرع الله ويحافظ على فرائضه ويتحرى المال الحلال ومع ذلك يعيش على الكفاف فهل معنى ذلك أن الله قد رضى عن هذا الرجل الذى مد يده للمال الحرام وغضب على ذلك الذى التزم بمنهج الله؟ بالطبع لا فليس سعة الرزق دليلا على الرضا وليس ضيق الرزق علامة على الغضب والقرآن الكريم يحسم هذه القضية حيث يقول رب العزة ٠ فاما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فاكرمه ونعمه فيقول رب اكرمن ٠٠٠ فالغنى والفقر كلاهما إختبار وابتلاء من الله قال تعالى ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون ٠٠٠ فالايات تبين أن الخير الحقيقى فى إكرام اليتيم والحض على إطعام المسكين وحفظ حق الورثة فلا يطمع فيهم واعتبار المال وسيلة لا غاية فيجمع من حلال وينفق فى حلال ولا يكون الإنسان عبدا لما له يقضى حياته فى جمعه واكتنازه دون اعتبار من وازع دينى أو خلقى وقد يفرح الإنسان لشئ حسبه خيرا وهو فى الحقيقة شر خطير وقد يجزع من شئ حسبه شرا وهو فى الحقيقة خير عظيم قال تعالى وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون ٠٠٠ فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ٠٠٠ بل قد يلح الإنسان فى طلب شئ يحسبه خيرا وهو فى الحقيقة شرا قال تعالى ويدعو الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ٠٠٠ فالاب والام قد يفرحان إذا رزقهما الله ولدا لكن ما يدريك أن هذا الولد حين يكبر سيكون عاقا لوالديه ينالهما أذاه أو قد يقتلهما أو يقتل أحدهما فأين الخير إذن؟