كتب – محمد شعبان
قيام الليل وما أدراك ما قيام الليل، إنه سنّة الأنبياء والأصفياء، تَخَرَجَ فيه صفوةُ الصفوة من الأوّلين والآخرين، وهو مدرسة المخلصين، وملاذ المؤمنين، وأمان الخائفين، ونور وجه المتقين، فقيل للحسن البصري: ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهًا؟ قال: “لأنهم خلوا بالرحمن، فألبسهم نورًا من نوره”.
ولقد شرف الله به سيدنا محمد “صلى الله عليه وسلم” بالمقام المحمود، إذ قال: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا} [الإسراء:79]، والمقام المحمود هو الشفاعة العظمى يوم القيامة.
قيامَ الليل هو حصن المؤمن وملاذه الذي يأوي إليه، والعروة الوثقى التي يعتصم بها، والحبل المتين الذي يصله بربه، وهو بلسم الجروح وغذاء الروح.
يوزّع الله عطاياه، ويقسم خزائن فضله في الثلث الأخير من الليل؛ حيث قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر” متفق على صحته.
أسرار قيام الليل
والسرُّ في قيام الليل أن العبد يمنع نفسه ملذّات الدنيا، وراحة البدن، ليتعبّد لله تعالى، فيعوضه الله تعالى خيرًا مما فقد، وذلك يشمل نعمة الدّين، وكذلك نعمة الدنيا.
فوائد قيام الليل
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: أربعة تجلب الرزق:
– قيام الليل.
– كثرة الاستغفار بالأسحار.
– تعاهد الصدقة.
– الذكر أول النهار وآخره.
وقالوا عن صلاة الليل:
– تحفظ الصحة والبدن.
– تحفظ صحة الإيمان.
– تجلب سعادة الدنيا والآخرة.
– تعالج الأمراض المزمنة.
– تنشط البدن والروح والقلب.
وقت صلاة الليل
تتحقَّق هذه السُّنَّة بصلاة ركعة واحدة أو ركعتين أو أربع، أو أكثر، في أي وقت من بعد صلاة العشاء، وحتى قبل صلاة الفجر، وقد أراد رسول الله “صلى الله عليه وسلم” لجميع المسلمين أن يؤدوا هذه السُّنَّة، فجعل الأمر سهلًا على الجميع، فلم يشترط طول القيام، إنما نصح أن نصلي قدر الاستطاعة، حيث روى أبو داود – وقال الألباني – صحيح، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ “صلى الله عليه وسلم”: «مَنْ قَامَ بِعَشْرِ آيَاتٍ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الغَافِلِينَ، وَمَنْ قَامَ بِمِائَةِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ القَانِتِينَ، وَمَنْ قَامَ بِأَلْفِ آيَةٍ كُتِبَ مِنَ المُقَنْطِرِينَ».
فلْيحرص كل مؤمن على هذه العبادة الجميلة، كلٌّ حسب طاقته، ولا تنسوا شعارنا الدائم قول الله تعالى: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} النور:54.