عاجل

50 صاروخا وقنبلة أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على موانئ ومحطة كهرباء والسفينة “غالاكسي ليدر” في اليمن
عاجل: إسرائيل تشن هجوماً على مدينة الحديدة في اليمن، والحوثيون يؤكدون التصدي للهجوم
تركيا يمكنها الرصد والاشتباك مع F-35 الإسرائيلية على بُعد 400 كم
ذكر يجعلك أفضل من السابقين واللاحقين .. ردده 100 مرة في الليل
أفضل من الماء.. تناول هذا المشروب خلال فصل الصيف
الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا عاجلا لإخلاء مواقع في اليمن
صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة
# امرأة من خارج الكوكب… حين يصبح الإحساس وطناً لا يُسكن
أزمة خانقة في إسرائيل: أوقفوا نزيف الجنود والذخيرة والموارد العبثي في غزة.. خسائر هائلة
الحرب على غزة: أكثر من 75 شهيدا السبت وإطلاق قذيفتين نحو منطقة الغلاف
حالة الطقس: أجواء شديدة الحرارة حتى الخميس
جندي إسرائيلي ينتحر بعد معاناة نفسية من “أهوال” مقتل الجنود في معارك غزة ولبنان
ترتيب أفضل هدافي كأس العالم للأندية 2025
اعتداء مروع على معلمة مصرية خلال الامتحانات والسلطات تتدخل
مصر تدعو دول بريكس لدعم خطة إعمار غزة وإنهاء مأساتها الإنسانية

الاحلام

بقلم  /  مصطفى محمود
كل يوم نقرأ عن.. الإنسان الآلي.. المخ الأتوماتيكي.. العقل الإلكتروني.. و نسمع عن اختراع عين رادار لحراسة الخزائن.. و ابتكار أذن لاسلكية لضبط اللصوص.. و رئة صناعية للمصابين بالشلل.. و كلية صناعية لمرضى البولينا.. و قلب بلاستيك لمرضى القلب..

هل معنى هذا أن العلم يستطيع أن يسوي لنا إنساناً يحس و يشعر و يمش…ي و يتكلم مثله مثلنا.. بمجرد تركيب بعض الوصلات الكهربائية و اللمبات و البطاريات الترانزستور

إن رجل الشارع حينما يقرأ هذه الأخبار يضحك.. و يقول بسذاجته المألوفة.. بقى معقول يخلقوا بني آدم.. طيب و حاينفخوا فيه الروح منين..

و هي ليست ملاحظة ساذجة..

إن هذه الملاحظة هي الفارق الوحيد العميق بين الآلة.. و الإنسان..

إن أي اختراع من ساعة اليد إلى القنبلة الذرية إلى صاروخ القمر هو مجرد لعبة بزمبلك.

لعبة ليس فيها مخ.. ولا روح.. و لا إرادة.. لعبة لا تستطيع أن تريد لنفسها.. و إنما تتوقف على ما تريده أنت لها حينما تدير زمبلكها و تضبط عقاربها.

الآلة الكاتبة تكتب ما تمليه أنت عليها.. و لكنها لا تستطيع أن تؤلف لنفسها شيئاً.

و الآلة الحاسبة تطرح و تجمع و تقسم.. و لكنها لا تستطيع أن تتعب و تيأس و تصرخ و تحتج على سخافة الأرقام التي تجمعها و تطرحها.

و الرئة الصناعية تتنفس، و لكنها لا تستطيع أن تلهث بالخوف و لا باللهفة.

و القلب البلاستيك يدق.. و لكنه لا يستطيع أن يخفق بالحب و لا بالرغبة.

و الشيء الذي ينقص هذه الأشياء نسميه الروح.. فما هي الروح؟

إن لوح الخشب يسبح في الماء.. و سمك البحر يسبح هو الآخر في الماء.

و لكن لوح الخشب ليست له إرادة.. إن كل ما يفعله أنه يسلم نفسه للتيار يقذف به إلى اليمين و إلى اليسار و إلى الأمام و إلى الخلف.. و يسلم نفسه للقوانين الطبيعية فترفعه إلى فوق بحكم كثافته الخفيفة.. و يسلم نفسه إلى عوامل الفساد و التلف تأكل فيه حتى يذوب و يتفتت إلى تراب.

أما سمك البحر فإنه يتحرك على كيفه.. على مزاجه.. فيسبح ضد التيار.. و لا يسلم نفسه للقانون الطبيعي، و إنما يثور عليه فيسبح صاعداً ضد الجاذبية.. و يسبح هابطاً ضد قانون الكثافة.. و هو لا يسلم نفسه لعوامل التلف و الفساد، و إنما يتغذى و ينمو و يتكاثر و يهاجم كل عدو يفكر في قتله.

إن سمك البحر فيه روح..

دودة القطن.. و عود من أعواد المكرونة.. كلاهما يتلوى في يدك و كلاهما رخو دودي.. و لكنهما مفترقان فيما عدا هذا المظهر.. و مختلفان جداً

عود المكرونة تجففه الشمس و تذيبه الرطوبة و يأكله النمل.. و هو يستسلم لكل هذه العوامل بلا حيلة..

أما دودة القطن فإنها تقاوم كل هذه العوامل بإرادة عنيدة فيها.. و هي تفعل ما هو أكثر من هذا.. إنها تأكل التوكسافين.. و تتعود عليه و تكتسب مناعة ضده.. و تغالب هذا السم الزعاف و تغلبه.. لأن فيها روحاً..

حبة من الحصى.. و حبة من الذرة.. قد تتشابهان.. و النحات يستطيع أن ينحت من الحجر بذرة لا يمكنك أن تفرقها من بذرة الذرة.. و لكن إذا زرعت الإثنين فإن كلا منهما سوف تختلف كثيراً عن الأخرى

حبة الحصى سوف تغوص في الطين و تشدّها جاذبية الأرض.
و حبة الذرة سوف يخرج منها جنين ينمو إلى فوق كالمقذوف ثائراً على جاذبية الأرض و صاعداً بأوراقه الخضراء إلى الشمس..

إن حبة الذرة فيها روح..

ما هي الروح..

الروح ثورة على الضرورة و القوانين الآلية.. إنها حرية و ذاتية.. و كيان.. و شخصية.. و إرادة

و نحن نقول إن الإنسان له روح، لأنه لا يمكن إدارته بزمبلك.. و لا شيء يديره سوى مزاجه و كيفه.. و حريته.. و هواه..

و العلم لن يستطيع أن يصنع إنساناً.. لأنه لا يصنع إلا الزمبلكات.. و لا يبتكر إلا الماكينات و الآلات التي يستغل فيها القوانين الطبيعية التي اكتشفها

إنه يدور دائماً في نطاق الآلات و الموضوعات المعقولة المنطقية

و الروح أولى صفاتها خرقها للقوانين و علوها عليها و ارتفاعها فوقها و فوق المنطق.. و فوق المعقول.. و لهذا فهي متجددة أبداً.. لا يمكن التنبؤ بمكنونها

في الإمكان التنبؤ بكسوف الشمس.. و حركة القمر.. و لكن من المستحيل التنبؤ بالنوايا المكنونة في نفس بشرية.. لأنها لا تخضع لقانون سوى قانونها.. و هواها و مزاجها..

و في كلمة واحدة.. فيها روح.. فيها سر فوق متناول أي قوة..

الروح حرية

إنها بدء مطلق لا سيطرة لأحد عليه..

الإنسان فيه روح.. لأن فيه حرية.. و هذه الحرية هي التي صنعت العلم بكل اختراعاته و ابتكاراته.. و سوف تصنع مزيداً من العلم كل يوم.. و لكن العلم لن يصنعها أبداً

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية