بقلم / شجون حسن
أنا إن كنت أحسد أحداً علي نعمة فإني أحسد الفقير علي فقره قبل أن أحسد الغني علي غناه ،أنا لا أغبط الغني علي غناه إلا في موطن واحد من مواطنه،فأغبطه عندما يشبع الفقير ويعود بالفضل من ماله علي اليتيم الذي سلبه الدهر كل شيء، ويمسح بيده دمعة المكروب،ثم أرثي له في مواطنه الأخري.
أرثي له إن رأيته يتربص للفقير في فيمتص الثمالة الباقية له من ماله ليسد في وجهه باب الأمل ،وأرثي له إن رأيته يعتقد أن المال هو منتهي الكمال الأنساني،وأرثي له إن مشي في الأرض مرحاً وطاول بعنقه السماء ليري هل صعق الناس لمشيته وأرحمه الرحمة كلها إن عاش شحيحاً علي نفسه وعياله ،بغيضاً إلي أهله وقومه ينقمون عليه وينتظرون أجله.
أما الفقير فهو عندي أسعد الناس عيشاً وأروحهم بالاً ،إلا إن كان جاهلاً تملك الوهم من مشاعره، فيظن أن الغني أسعد منه حظاً وأفقه منه لساناً،فيحسده علي سعادته التي يزعمها له فيجلس جلسة المحزون ةلمكروب يندب حظه فيرسل الدمعة إثر الدمعة ولولا جهله وضعف قلبه لعلم أن صاحب الأموال والفيلات يتمني عشه الصغير ويري إضافته الضعيفة الخافتة أسطع من أنوارالشموع وباقات الكهرباء التي بين يديه،
لو عامل الفقراء بخلاء الأغنياء لوجدو أنفسهم في وحشة من أنفسهم وأموالهم، ولشعروا أن أساور الذهب التي يتفاخرون بها ماهي إلا أساود ملتفة علي أرجلهم، ولعملوا أن الشرف في كمال الأدب لا في رنين الذهب .
فليعظم الناس الكرماء وليعلموا أن الشرف أسماء معاني العزة والكرامة وأن السعادة ليست بالقصور والرفاهية إنما السعادة بالرضا.