بقلم – غادة درويش
لم أكن أعلم مدى الحزن الذي سينتابني بوفاة عملاق الكوميديا سمير غانم بالرغم من كبر سنه وتدهور حالته الصحية في الآونة الأخيرة وتوقع وفاته في أي وقت. ولكن من الغريب أنه حين وقوع الحدث وإعلان خبر الوفاة اهتزت جوارحى كما لو كنت أسمع خبر وفاة أبي للمرة الثانية.. فإن سمير غانم لم يكن فناناً عادياً بل كان كفرد من أفراد كل أسرة.. تربينا على فنه وضحكنا من قلوبنا أمام خفة ظله وإبداعه في الكوميديا الذي ليس له مثيل وحببنا أبنائنا في شخصيات فطوطة وسمورة فاستعدنا ذكريات طفولتنا معهم.
الغريب في الموقف ان أغلب رواد مواقع التواصل الاجتماعي أجمعوا على أن وفاته اشعرتهم بفقدان أحد أفراد الأسرة أو جعلتهم يسترجعون ذكريات فقدان الأب أو الأم وأيقظت جراح الحزن التى طالما أخفوها في قلوبهم وكادت أن تتلاشى بمرور السنين.
كم من فتيات وسيدات بكين مع دموع بناته أثناء جنازته ولحظة الوداع الأخيرة.. كم من شخص استرجع حزنه على والده المفقود واستعاد ذكريات يوم وفاته..
لم يحزننا يوماً في حياته بل كان يصنع البسمة بإبداع منقطع النظير.. لم نسمع منه يوماً تصريحات اغضبت جمهوره ولم يخرج لنا يوماً بأفعال استفزازية أو شئ من الخيلاء.. لم يستعرض يوماً شئ من ثروته أو نعم الله عليه ولم نعرف عنه يوماً أنه تسبب في أذى لأحد من قريب أو من بعيد ولكن يشاء الله أن يكون بوفاته سبباً في حزن الملايين
كان إنساناً بسيطاً وزوجاً راقياً وأباً حنوناً.. كان فناناً بسيطا يعمل بفطرته ليس له هدف سوى إسعاد الناس.. لم يكن متكبرا أو متعاليا على جمهوره بل كان متواضعاً لا يصد أحد..
استرجعت ذكرياتي حين كنت في المرحلة الإعدادية وكانت مدرستي تقع في المنطقة التي يسكنها في الدقي وكثيرا ما كنت اراه خارجاً من منزله أو كان يمر بسيارته أمام المدرسة فتحدث ثورة من الفرح بين طالبات المدرسة فيكون رد فعلة إبتسامة عريضة وإشارات منه تنم عن سعادته بحب الناس له.
في اعتقادي أن سمير غانم من النماذج القليلة التي لن يطمسها الزمن بل ستظل بصمته محفورة في تاريخ الفن المصري والعربي مثل نجيب الريحاني واسماعيل ياسين وغيره من النماذج النادرة المطبوعة في أذهاننا.. سمير غانم هو النموذج الواقعي للمثل القائل (اللي يحبه ربه يحبب فيه خلقه)
رحم الله سمير غانم وألهم عائلته الصبر والسلوان