عاجل

50 صاروخا وقنبلة أسقطتها مقاتلات إسرائيلية على موانئ ومحطة كهرباء والسفينة “غالاكسي ليدر” في اليمن
عاجل: إسرائيل تشن هجوماً على مدينة الحديدة في اليمن، والحوثيون يؤكدون التصدي للهجوم
تركيا يمكنها الرصد والاشتباك مع F-35 الإسرائيلية على بُعد 400 كم
ذكر يجعلك أفضل من السابقين واللاحقين .. ردده 100 مرة في الليل
أفضل من الماء.. تناول هذا المشروب خلال فصل الصيف
الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا عاجلا لإخلاء مواقع في اليمن
صفارات الإنذار تدوي في مستوطنات غلاف غزة
# امرأة من خارج الكوكب… حين يصبح الإحساس وطناً لا يُسكن
أزمة خانقة في إسرائيل: أوقفوا نزيف الجنود والذخيرة والموارد العبثي في غزة.. خسائر هائلة
الحرب على غزة: أكثر من 75 شهيدا السبت وإطلاق قذيفتين نحو منطقة الغلاف
حالة الطقس: أجواء شديدة الحرارة حتى الخميس
جندي إسرائيلي ينتحر بعد معاناة نفسية من “أهوال” مقتل الجنود في معارك غزة ولبنان
ترتيب أفضل هدافي كأس العالم للأندية 2025
اعتداء مروع على معلمة مصرية خلال الامتحانات والسلطات تتدخل
مصر تدعو دول بريكس لدعم خطة إعمار غزة وإنهاء مأساتها الإنسانية

وباء الكذب الافتراضى

سهير جودة

أصبح الكلام رخيصاً، بلا ثمن، المعروض منه أغلبه سم قاتل فى زمن مواقع التواصل الاجتماعى التى تحولت من ساحة حرية وتعبير عن الرأى إلى ساحة حرب، وأصبح الاغتراب أقوى، والكذب وباءً، وبدلاً من أن تصبح وسيلة قوية للتواصل الاجتماعى أصبحت طرقاً ممهدة للانتحار الجماعى.
إنها المصدر الرئيسى للشائعات والأكاذيب، ولترويج الجرائم والشذوذ، وأصبحنا مستغرقين فى حياة افتراضية، وكأنها هى الحياة بكل أكاذبيها، وسيئاتها التى تُذهب الحسنات.
مع تضخّم مكانة ومساحة وسائل التواصل الاجتماعى أصبحنا نعيش فى ضجيج صاخب وتتداخل موجات هذه الوسائل فى أثير الوطن، فتنتج برقاً أجوف، ويصبح أهم ما ننتجه هو الكلام بجميع أشكاله، فهناك النفاق الرخيص، وهناك نفاق يدعو إلى البكاء والرثاء، وهناك أكاذيب شديدة الفجاجة، حيث التفوق فى جسارة الكذب.
الصحفيون الجُدد ظاهرة تنمو بشكل مرعب وتصنع أوهاماً، فنجد شخصيات لا تعرف أبجدية فك الخط عقلياً ومتخمة بالسطحية وتصدّر نفسها باعتبارها من الكتاب والمفكرين، وأغلبهم لا يصلح لأن يكون مجرد قارئ.
وكل هؤلاء يشاركون فى صناعة وتصدير أكاذيب منظمة كل لحظة، سواء من كانوا يعانون إفلاساً إنسانياً أو ممن هزمتهم مشاعر عدم التحقّق والحقد.
الجميع يصدر أكاذيب بلهاء أو ترهات أو أفكاراً مرتبكة أو مواقف تفوح منها رائحة الغرض أو المرض.
إنهم بشر انقطع النور عن عقولهم فترات طويلة، فأصيبوا بعاهات مستديمة، لكنهم يجدون من يصدقونهم ويصفقون لهم.
وتتوالى أشكال الإنتاج التى تصدّرها وسائل التواصل، فنجد هناك شخصيات متخمة ببطولات وهمية فارغة، والأغلبية منهم يحلقون على تضاريس من الأكاذيب على ارتفاع تصعب منه الرؤية الحقيقية لأنفسهم وللآخرين وللقيم وللحياة.
فتجد السب والقذف عادة، وكأن السب للسب متعة وغاية وهدف وكأن البعض يقع فى غرام الروائح الكريهة، فيفتح كل يوم غطاء صندوق قمامة فى وجه الآخرين، ليلوث به الهواء والحياة.
فى العالم الافتراضى، تتجلى المزايدة والفتى ونصنع أبطال أساطير من الأوهام، وكأننا لا نجيد سوى صناعة أعمدة من الكذب وتكاثرت الأكاذيب وتضخّمت، وهناك من يستثمر هذه الوسائل لغرض فى نفوس مريضة لهدم دول وهدم قيم وسيادة التشكيك وفقدان الثقة والإحباط والانحطاط وإشاعة الإرهاب والترهيب، إنها فوضى واجتياح.
والبعض ينصّب نفسه حكماً على الآخرين، يفتش فى نواياهم وينتقد أقوالهم وأفعالهم، وأصبحنا نعيش زمن الشائعات المريضة والآراء التى تؤكد انعدام أو انحطاط الأخلاق.
وكل كائن يتخفّى بقذارته ويخرج مشيراً إلى قذارة الآخرين.
للكاتب الراحل الكبير الصحفى محمود عوض كتاب شهير اسمه «أفكار ضد الرصاص» فى مقدمة هذا الكتاب أدق وصف للحالة التى نمر بها الآن فى انفجار الإعلام القضائى أو الإلكترونى.
إنه قتل مع سبق الإصرار والترصد، قتل مع التعمد، قتل مع التنفيذ، إنه ليس تفكيراً فى قتل، أليس مشروعاً، أليس محاولة، إنه قتل، ومع ذلك فإن الجانى يخرج بعد كل جريمة بغير عقاب.
إن القتيل معروف، وأداة القتل مضبوطة، وسبب القتل واضح، والشهود موجودون، والقاتل معترف، ومع ذلك فإن جريمة القتل يتم تسجيلها فى النهاية ضد مجهول.
محمود عوض كتب ذلك قبل عقود طويلة من وجود هذا العالم، قبل عقود طويلة من تجريف الصحافة والثقافة، فهو يتحدث عن جريمة مرتبطة بجريمة ما زالت تحدث حتى الآن، فرغم حالة السخف الكبير الذى يمارس بحرية كبيرة وهو غثاء، نجد أن كل شىء حقيقى أو مختلف أو له قيمة يوأد أو يُعدم ويواجه برصاص ممن يمارس هذا السخف ومن غيرهم ووكلاء تجار الدين والفضيلة والأوصياء على المجتمع ومحتكرى السلطة والحرية.
كل هؤلاء الوكلاء يطلقون الرصاص بقلب بارد على كل فكر حقيقى يعرى الزيف، فنحن الآن بين حالتين: «انتشار السخف والأكاذيب وإخفاء الحقائق والقيم»، والنتيجة الحتمية أنه سيتم تفكيك كامل للأخلاق، وستصبح بلا هوية وبلا وعى وسنفتقد التوازن.

Facebook
Twitter
LinkedIn
WhatsApp
Print
booked.net
موقع الرسالة العربية